بوجوه الإعراب، ورعا عن محارم الله عز وجل، زاهدا في الدنيا، متوفرا على الأعمال الصالحات، مجتنبا للذنوب والسيئات، شديد الحذر من الهوى، حريصا على التقوى.
فقد روي أنه نودي لقمان الحكيم حين هدأت العيون: أ لا نجعلك يا لقمان خليفة في الأرض تحكم بين الناس بالحق؟ فقال لقمان: يا رب إن أمرتني أفعل وإن خيرتني اخترت العافية، قال: فنودي يا لقمان وما عليك أن نجعلك خليفة في الأرض تحكم بين الناس بالحق؟ فقال لقمان: يا رب وليت فعدلت فبالحري أن أنجو، وإن أخطأت طريق الحق تعرضت لسخطك، ومن ذا يا رب يتعرض لسخطك؟ قال: فبعث الله تعالى إليه ملكا فغطه في الحكمة غطا.
وروي عن النبي ص أنه قال: من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين.
وروي عن أمير المؤمنين ع أنه قال: القضاة أربعة ثلاثة منهم في النار وواحد في الجنة، فسئل ع عن صفاتهم لتقع المعرفة بهم والتمييز بينهم فقال:
قاض قضى بالباطل وهو يعلم أنه باطل فهو في النار، وقاض قضى بالباطل وهو لا يعلم أنه باطل فهو أيضا في النار، وقاض قضى بالحق وهو لا يعلم أنه حق فهو في النار، وقاض قضى بالحق وهو يعلم أنه حق فهو في الجنة.
باب آداب القاضي وما يجب أن يكون عليه من الأحوال عند القضاء:
ويجب على القاضي إذا كان من الصفات بما تقدم شرحه وأراد أن يجلس للقضاء أن ينجز حوائجه التي تتعلق نفسه بها ليفرغ للحكم، ولا يشغل قلبه بغيره، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ويلبس من ثيابه ما يتمكن من الجمال به وحسن الهيئة بلبسه ويخرج إلى المسجد الأعظم في البلد الذي يحكم فيه فيصلي فيه ركعتين عند دخوله، ويجلس مستدبر القبلة لتكون وجوه الخصوم إذا وقفوا بين يديه مستقبلة القبلة، ولا يجلس وهو غضبان ولا جائع ولا عطشان ولا مشغول القلب بتجارة ولا خوف ولا حزن ولا فكر في شئ من الأشياء، وليجلس وعليه هدي بسكينة ووقار.
فإذا جلس تقدم إلى من يأمر كل من حضر للتحاكم أن يكتب اسمه واسم أبيه وما