ما يمكن منه من أحكام الجور وإنفاذ ما استطاعه من الحق.
وليتخير الحكام النائبين عنه في البلاد ولا يقلد الحكم من لا يتكامل له شروطه، فإن لم يجد فليجعل وسائط يمنعهم عن إنفاذ حكم من غير رأيه، فليجتهد في تخيره المأهولين في الوساطة بين الناس، ولا يعدل شاهدا لم يتكامل شروط العدالة فيه، ولا يجعل أمينا على أموال الناس إلا بعد سبر حاله والاجتهاد في تخيره، فإن انكشف له أن من قلده الحكم أو جعل إليه الصلح أو أهله للشهادة أو تحمل الأمانة غير متكامل الشروط فليعزل الحاكم وليستبدل بالوسيط والأمين ويسقط عدالة الشاهد، فإن وقع من بعضهم ما يتعدى ضرره إلى غيره في الأنفس أو الأموال بغير حق فليرجع عليه بدركه حسب ما تقدم ذكره، وليجعل لدرس العلم وإدامة الفكر فيه وقتا خاليا له وللمذاكرة به والمناظرة وقتا ليكون ذلك عونا على ما يلي به من الحكم بين الناس، وما لعله يحدث مما لم يتقدم له علمه.
فصل: في الصلح:
الصلح حكم جائز لا خيار لأحد الخصمين بعد مضيه سواء كان المصلح عالما بما يقع عليه أو جاهلا، ولا يحل لأحد الخصمين أن يأخذ بالصلح ما لا يستحقه ولا يمنع له ما يستحق عليه كما لا يحل ببينة ولا يمين.
فإن اقترن بالصلح تحليل في الحقيقة لم يصح الرجوع بشئ منه على حال وإن كان لضرورة دعت إلى حفظ بعض الحق بالصلح فلذي الحق الباقي بعد مضيه أن يتوصل بغير الحكم إلى أخذه وإن لم يأذن له غريمة ولا حق له بعده في الحكم.
ويلزم من أخذ بالصلح ما لا يستحقه أو أسقط به ما يستحق عليه أن يخرج منه إلى مستحقه أو يستحله، ولغريمه أخذه والعفو عنه.
ويجوز لمن اضطره غريمة إلى ما لا يقدر عليه من جملة الحق أن يصالح على بعضه بشرط العزم على أداء ما يسقط بالصلح حين التمكن منه أو العفو عنه.
ومن كان عليه حق لغيره فمات قبل الخروج إليه منه لم يجز للغريم مصالحة الورثة