باب كيفية الشهادة وكيفية إقامتها:
لا يجوز أن يمتنع الانسان من الشهادة إذا دعي إليها ليشهد إذا كان من أهلها إلا أن يكون حضوره مضرا بشئ من أمر الدين أو بأحد من المسلمين، وإذا حضر فلا يجوز له أن يشهد إلا على من يعرفه فإن أشهد على من لا يعرفه فليشهد بتعريف من يثق إليه من رجلين مسلمين وإذا أقام الشهادة أقامها كذلك.
وإذا أشهد على امرأة وكان يعرفها بعينها جاز له أن يشهد عليها وإن لم ير وجهها، فإن شك في حالها لم يجز له أن يشهد إلا بعد أن تسفر عن وجهها ويتبينها بصفتها، فإن عرفها من يثق به جاز له أن يشهد وإن لم تسفر أيضا عن وجهها غير أن الأحوط ما قدمناه.
ويجوز أن يشهد الانسان على الأخرس إذا عرف من إشارته الإقرار ويقيم شهادته كذلك ولا يقيمها بمجرد الإقرار لأن ذلك كذب، ويجوز أن يشهد على شهادة رجل آخر غير أنه ينبغي أن يشهد رجلان على شهادة رجل واحد ليقوما مقامه فأما واحد فلا يقوم مقام واحد وذلك لا يكون أيضا إلا في الديون والأملاك والعقود، فأما الحدود فلا يجوز أن يقبل فيها شهادة على شهادة، ولا يجوز شهادة على شهادة على شهادة في شئ من الأشياء، ومن شهد على شهادة آخر وأنكر ذلك الشاهد الأول قبلت شهادة أعدلهما فإن كانت عدالتهما سواء طرحت شهادة الشاهد الثاني، ولا بأس بالشهادة على شهادة وإن كان الشاهد الأول حاضرا غير غائب إذا منعه من إقامة الشهادة مانع من مرض وغيره.
ومن رأى في يد غيره شيئا ورآه يتصرف فيه تصرف الملاك جاز له أن يشهد بأنه ملكه كما أنه يجوز أن يشتريه على أنه ملكه، ولا بأس أن يشهد الانسان على مبيع وإن لم يعرفه ولا عرف حدوده ولا موضعه إذا عرف البائع والمشتري ذلك، ويكره للمؤمن أن يشهد لمخالف له في الاعتقاد لئلا يلزمه إقامتها فربما ردت شهادته فيكون قد أذل نفسه.
ومتى دعي الانسان لإقامة شهادة لم يجز له الامتناع منها على حال إلا أن يعلم أنه إن أقامها أضر ذلك بمؤمن ضررا غير مستحق بأن يكون ذلك عليه دين وهو معسر ويعلم إن شهد عليه حبسه الحاكم فاستضر به هو وعياله لم يجز له إقامتها، وإذا أراد إقامة