يوم تشهد عليهم ألسنتهم، يجوز أن يكون المعنى أي يشهدون، يعني هؤلاء على أنفسهم بألسنتهم. وقيل: شهادة الأيدي والأرجل تكون بأن يبينها الله بينة مخصوصة يمكنها النطق، أو يفعل الله في هذه البنى كلاما يتضمن الشهادة فكأنها هي الناطقة، أو يجعل فيها علامة تقوم مقام النطق، وذلك إذا جحدوا معاصيهم.
مسألة:
المفعول الثاني في قوله: فتذكر إحديهما الأخرى، محذوف، وكذا إذا قرئ بالتخفيف فتذكر بالقراءتين محذوف، والمعنى فتذكر إحديهما الأخرى الشهادة التي تحملتاها، لأن ذكرت فعل يتعدى إلى مفعول واحد، فإذا نقلته بالهمز وضعفت العين منه تعدى إلى مفعول آخر. وما بعد الفاء في قوله " فتذكر " مبتدأ محذوف ولو أظهرته لكان: فهما تذكر إحديهما الأخرى، فالذكر العائد إلى المبتدأ المحذوف الضمير في قوله " إحديهما ".
مسألة:
فإن قيل: إن الشهادة إنما وقعت للذكر والحفظ لا للضلال الذي هو النسيان.
فجوابه: أن سيبويه قد قال: أمر بالإشهاد لأن تذكر إحديهما الأخرى وإنما ذكر أن تضل لأنه سبب الإذكار.
وقوله تعالى " فتذكر " معطوف على الفعل المنصوب ووجه كونه مرفوعا قد ذكرناه.
مسألة:
ولا تكتموا الشهادة، خطاب للشهود ونهى لهم عن كتمان الشهادة إذا دعوا لإقامتها. " ومن يكتمها " أي من يكتم الشهادة مع علمه بالمشهود به وعدم ارتيابه فيه وتمكنه من أدائها من غير ضرر بعد ما دعي إلى إقامتها فإنه آثم قلبه. أضاف الإثم إلى القلب وإن كان الإثم هو الجملة لأن اكتساب الإثم إلى القلب أبلغ في الذم كما أن