ويتعرف أحواله من جيرانه ومعامليه، ولا يؤخر ذلك، فإن عرف له ما يوجب جرحه أو التوقف في شهادته لم يمض الحكم بها، وإن لم يعرف شيئا ينافي عدالته وإيجاب الحكم بها أنفذ الحكم ولم يتوقف، ويفرق أيضا بين الصبيان في الشهادة فإن اتفقت شهادتهم وجب بها القصاص فيما دون النفس، ويؤخذ بقولهم الأول ولا يؤخذ بقول رجعوا إليه عنه.
والقسامة خمسون رجلا على ما قدمناه في النفس وفي دونها بحساب ذلك في الديات، ولا يعتبر في القسامة ما يعتبر في الشهود من العدالة والأمانة، وإذا لم يوجد خمسون رجلا في الدم وغيره من الجراح ووجد دون عددهم كررت عليهم الأيمان حتى تبلغ العدد، ويقسم مدعي الدم إذا لم يكن معه غيره خمسين يمينا بالله عز وجل على ما ذكرناه.
وإذا تنازع نفسان في شئ وأقام كل واحد منهما بينة على دعواه بشاهدين عدلين لا ترجيح لبعضهم على بعض بالعدالة حكم لكل واحد من النفسين بنصف الشئ، وكان بينهما جميعا نصفين، وإن رجح بعضهم على بعض في العدالة حكم لأعدلهما شهودا، وإن كان الشئ في يد أحدهما واستوى شهودهما في العدالة حكم للخارج اليد منه ونزعت يد المتشبث به منه. وإن كان لأحدهما شهودا أكثر عددا من شهود صاحبه مع تساويهم في العدالة حكم لأكثرهما شهودا مع يمينه بالله عز وجل على دعواه.
باب الأيمان وكيف يستحلف بها الحكام:
وينبغي للحاكم أن يخوف الخصم عند استحلافه بالله تعالى ويذكره عقاب اليمين الكاذبة والوعيد عليها من الله تعالى، فإن أقام على الانكار واليمين استحلفه بالله فقال له: قل والله العظيم الطالب الغالب الضار النافع المهلك المدرك الذي يعلم من السر ما يعلمه من العلانية ما لهذا المدعي على ما ادعاه، وما له قبلي حق بدعواه. وإن اقتصر على استحلافه بالله عز وجل ولم يؤكدها بشئ مما ذكرناه من أسماء الله تعالى جاز، وذلك على حسب الحالف وما يراه الحاكم في التغليظ والتشديد عليه والتسهيل إن شاء الله.