شريعة واحدة مع اختلاف المصالح، قال تعالى: ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة.
فصل:
ثم قال تعالى: أ فحكم الجاهلية يبغون قال مجاهد: إنها كناية عن اليهود لأنهم كانوا إذا وجب الحكم على ضعفائهم ألزموهم إياه وإذا وجب على أقويائهم لم يأخذوهم به.
" ومن أحسن من الله حكما " أي فصلا بين الحق والباطل من غير محاباة لأنه لا يجوز للحاكم أن يحابي في الحكم بأن يعمل على ما يهواه بدلا مما يوجبه العدل، وقد يكون حكم أحسن من حكم بأن يكون أولى منه وأفضل وكذا لو حكم بحق يوافق هواه كان ما يخالف هواه أحسن مما يوافقه.
وقال تعالى في وصف اليهود: سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم، أي هؤلاء يقبلون الكذب ويكثر أكلهم السحت وهو الحرام، فخير الله نبيه ع في الحكم بين اليهود في زنى المحصن وفي قتيل قتل من اليهود.
وفي اختيار الحكام والأئمة الحكم بين أهل الذمة إذا احتكموا إليهم قولان: أحدهما أنه حكم ثابت والتخيير حاصل، ذهب إليه جماعة وهو المروي عنهم عن علي ع والظاهر في رواياتنا، وقال الحسن: إنه منسوخ بقوله: وأن احكم بينهم بما أنزل الله، فنسخ الاختيار وأوجب الحكم بينهم بالقسط.
" وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله " أي الحكم بالرجم والقود.
ثم قال تعالى: إنما أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما، نهى الله نبيه ع أن يكون خصيما لمن خان مسلما أو معاهدا في نفسه أو ماله أي لا تخاصم عنه، والخطاب وإن توجه إلى النبي فالمراد بها أمته.