فصل:
ومما يؤكد القول الأول ما روي عن الحسن أنه قال: يعني بالآية الشهادة خاصة، وقوله تعالى: ولو على أنفسكم، أي ولو كانت شهادتكم تضر في الحال أنفسكم في الحال والمئال لأن " على " يقتضي ذلك. ومعنى: كونوا شهداء لله، أي لتكن شهادتكم لأجل رضاء الله ولما أمر الله به وهو القسط.
وقال ابن شهاب: كان سلف المؤمنين على جواز شهادة كل ذي قرابة لمن تقرب منه وعليه حتى دخل الناس فيما بعدهم وظهرت منهم أمور حملت الولاة على اتهامهم فتركت شهادة من يتهم إذا كان من أقربائهم، والاعتماد في المنع من شهادة الأقارب على التهمة التي تلحق لأجل النسب غير صحيح لأنه يلزم على ذلك أن لا تقبل شهادة الصديق لصديقه ولا الجار لجاره لأن التهمة متطرقة، على أن العدالة مانعة من التهمة وحاجزة عنها.
وما روي عن النبي ع من أنه: لا يجوز قبول شهادة المتهم والخصم والخائن والأجير له ما لم يفارقه ولا شهادة من خالف من أهل البدع وإن كان على ظاهر الستر والعفاف، فليس ذلك مستخرجا من اجتهاد أو عفاف وإنما هو أيضا نص إلهي.
ويمكن أن يستدل من الآيات المتقدمة على ذلك، وقال تعالى: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم، فبين ع كما علمه الله تعالى.
فصل:
أما شهادات القرابات بعضهم لبعض إذا كانوا عدولا فقد ذكرنا أن دليلها قوله تعالى: وأشهدوا ذوي عدل منكم، فشرط - كما ترى - العدالة وأن يكون من جملة المؤمنين بقوله " منكم " لا أن يكون عدلا عند نحلته وأهل ملته ولم يشرط سواها ويدخل في عموم هذا ذوو القرابات كلهم. وقوله تعالى: واستشهدوا شهيدين، يدل أيضا على هذه المسألة.
وما يقول المخالف: الولد جزء من أبيه فكأنه شهد لنفسه إذا شهد لما هو بعضه، فهذا