كتاب الشهادات لا يجوز للشاهد أن يشهد حتى يكون عالما بما يشهد به حين التحمل وحين الأداء لقوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم، وقال: إلا من شهد بالحق.
وقال ابن عباس: سئل النبي ع عن الشهادة فقال: هل ترى الشمس؟
فقال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع.
وما يصير به عالما من وجوه ثلاثة: سماعا أو مشاهدة أو بهما، أما ما يقع له به مشاهدة فالأفعال كالغصب والسرقة والقتل والقطع والرضاع والولادة واللواط والزنى وشرب الخمر، فله أن يشهد إذا علمه بالمشاهدة ولا يصير به عالما بغير مشاهدة. وأما ما يقع به العلم سماعا فثلاثة أشياء: النسب والموت والملك المطلق.
وأما ما يحتاج إلى سماع وإلى مشاهدة فهو كالشهادة على العقود كالبيع والسلم والصلح والإجارات والنكاح ونحو ذلك، لا بد فيها من مشاهدة المتعاقدين وسماع كلام العقد منهما لأنه لا يمكن تحمل الشهادة قطعا إلا كذلك. وليس عندنا عقد من العقود من شرطه الشهادة أصلا وعند الفقهاء كذلك إلا البيع والنكاح وحدهما، وأما الطلاق فمن شرطه إشهاد رجلين عدلين في مجلس واحد.
وقال داود: الشهادة واجبة على البيع لقوله تعالى: وأشهدوا إذا تبايعتم، ولقوله ع: ثلاثة لا يستجاب لهم دعوة: من باع ولم يشهد ورجل دفع ماله إلى سفيه ورجل له امرأة يقول: اللهم خلصني منها، ولا يطلقها. وعندنا الآية والخبر يحملان على