العمل بالضد في الجميع وراعى جميع ما ذكرناه.
فصل: في بيان كيفية تحمل الشهادة:
لا يجوز إقامة الشهادة لأحد إلا بعد أن يتحملها وهو عالم بها، والعلم يحصل في ذلك بأحد ثلاثة أشياء: بالمشاهدة وحدها وبالسماع والمشاهدة معا وبالسماع والاستفاضة.
فالمشاهدة تتعلق بالأفعال كالقتل والسرقة والزنى، وشرب الخمر والرضاع وأشباهها، فإذا شاهد شيئا من ذلك وعلم حقيقته فقد تحمل شهادته وجاز له إقامة الشهادة على حسب ما شاهد، وقد تجب إقامتها إذا أدى الامتناع منها إلى ضياع حق من حقوق المسلمين ولم يؤد أداؤها إلى ضرر غير مستحق على الشاهد، وقد تحظر إذا أدى إلى شئ من ذلك، وقد تكره إذا علم أو ظن أنه ترد شهادته، وعلى هذا لو رأى أحد آخر يتصرف تصرف الملاك في دار أو ضيعة أو غيرهما من غير منازع ولا مانع جاز له أن يشهد على تملكه.
والسماع والمشاهدة معا يتعلق بالعقود مثل البيع والصرف والسلف والصلح والإجارة والشركة وغيرها، فإذا شاهد المتعاقدين وسمع كلاما منهما وعرفهما بالمشاهدة بعينهما جاز له أن يشهد بذلك إذا حضرا ويقول: أشهد أنه باع هذا الشئ الفلاني من هذا بكذا. وإن غاب أحدهما لم يجز له أن يشهد على الغائب إلا بعد حصول العلم بثلاثة أشياء: بالعين والاسم والنسب، فإذا علم ذلك وكان ذاكرا للحال أو كان معه عدل آخر وذكره إن لم يكن ذاكرا جاز له إقامة الشهادة على ما ذكرنا.
والسماع والاستفاضة يتعلقان بسبعة أشياء: بالنسب والموت والعتق والوقف والمال المطلق والنكاح والولاء. ويجوز له أن يشهد بذلك مطلقا من غير أن يعزى إلى أحد بشرطين: سماعه من عدلين فصاعدا وشياعه واستفاضته في الناس.
وإذا تحمل شهادة لم يخل: إما يتحمل على إقرار أو على شهادة، فإن تحمل على إقرار لم يخل: إما يتحمل على رجل أو امرأة، فإن تحمل على رجل لم يتحمل إلا بعد المعرفة بستة أشياء: بعينه حتى يمكنه الإقامة عليه حاضرا أو اسمه ونسبه حتى يمكنه الإقامة عليه