وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا كان العبد بين شريكين وأعتق أحدهما نصيبه مضارة لشريكه الآخر ألزم أن يشترى ما بقي ويعتقه إذا كان موسرا، وإن لم يكن موسرا ولا يملك غير ما أعتقه كان العتق باطلا، وإذا لم يقصد بذلك مضارته بل قصد بذلك وجه الله تعالى لم يلزم شراء الباقي وعتقه بل يستحب له ذلك، فإن لم يفعل استسعى العبد في الباقي ولم يكن لصاحبه الذي يملك ما بقي منه استخدامه ولا له عليه ضريبة بل له أن يستسعيه فيما بقي من ثمنه، فإن امتنع العبد من السعي في فك رقبته كان له من نفسه قدر ما أعتق ولمولاه قدر ما بقي، هذا آخر كلام شيخنا في نهايته.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: قوله رحمه الله هذا عجيب فإنه قال في الباب الذي ذكر هذا الكلام فيه: ولا عتق أيضا إلا ما أريد به وجه الله تعالى، ثم قال: وإذا كان العبد بين شريكين وأعتق أحدهما نصيبه مضارة لشريكه الآخر ألزم أن يشترى ما بقي ويعتقه إذا كان موسرا، وهذا متناقض مخالف لأصول المذهب ولما أصله من أنه لا عتق إلا ما أريد به وجه الله تعالى، وإنما أورد هذه الرواية إن كانت وردت ورويت إيرادا لا اعتقادا كما أورد نظائرها مما لا يعمل عليه ولا يعتقد صحته.
والدليل على ما قلناه عنه أنه رجع في مبسوطه عن هذا فقال: فإذا أعتق شركا له من عبد لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون موسرا أو معسرا، فإن كان معسرا عتق نصفه واستقر الرق في نصف شريكه وروى أصحابنا أنه إن قصد بذلك الإضرار بشريكه أنه يبطل عتقه، هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر في مبسوطه. ثم قال في نهايته: وإن لم يقصد بذلك مضارته بل قصد بذلك وجه الله تعالى لم يلزم شراء الباقي وعتقه بل يستحب له ذلك. وهذا غير واضح ولا مستقيم لأنا قد بينا أنه إن كان موسرا ألزم شراء الباقي وأجبره السلطان على ذلك، وإن كان معسرا استسعى العبد في الباقي.
وقال شيخنا في نهايته: وإذا أعتق مملوكه وشرط عليه شرطا وجب عليه الوفاء به ولم يكن له خلافه، فإن شرط عليه أنه متى خالفه في فعل من الأفعال كان ردا في الرق فخالفه كان له رده في الرق.