إلا أن توجد المشيئة فليس له الشرب قبل وجودها، ولو قال: والله لأشربن إلا أن يشاء زيد، فقد ألزم نفسه الشرب إلا أن يشاء زيد أن لا يشرب، لأن الاستثناء والمستثنى منه متضادان، والمستثنى منه إيجاب لشربه بيمينه، فإن شرب قبل مشيئة زيد بر.
وإن قال زيد: قد شئت أن لا تشرب، انحلت لأنها معلقة بعدم مشيئته لترك الشرب ولم تنعدم، فلم يوجد شرطها، وإن قال: قد شئت أن تشرب أو ما شئت ألا تشرب، لم تنحل لأن هذه المشيئة غير المستثناة، فإن خفيت مشيئته لزمه الشرب لأنه علق الشرب بعدم المشيئة وهي معدومة بحكم الأصل، والتحقيق أنه إن قصد بقوله: إلا أن يشاء زيد أن لا أشرب، فالحكم ما تقدم وإن قصد إلا أن يشاء زيد أن أشرب، فالحكم بضد ما تقدم والتضاد ثابت هنا أيضا، وإن جهل الأمران احتمل ما تقدم والبطلان، ولو قال: والله لا أشرب إن شاء زيد، فقال: قد شئت أن لا تشرب، فشرب حنث، وإن شرب قبل مشيئته لم يحنث لأن الامتناع من الشرب تعلق بمشيئته، ولم يثبت مشيئته فلم يثبت الامتناع، ولا يدخل الاستثناء في غير اليمين، وفي دخوله في الإقرار إشكال أقربه عدم الدخول.
الفصل الثاني: في الحالف:
ويشترط فيه: البلوغ والعقل والاختيار والقصد والنية، فلو حلف الصغير أو المجنون أو المكره أو السكران أو الغضبان إذا لم يملك نفسه لم ينعقد، ولو حلف من غير نية لم ينعقد سواء كان بصريح أو كناية، وهي يمين اللغو وتنعقد بالقصد، ولا تنعقد يمين ولد مع والده إلا مع إذنه ولا المرأة مع زوجها إلا باذنه ولا المملوك مع مولاه إلا باذنه، وذلك فيما عدا الفعل الواجب وترك القبيح، وأما فيهما فينعقد من دون إذنهم. ولو قيل: بانعقاد أيمانهم، كان وجها، نعم لهم الحل في الوقت مع بقاء الوالد والزوجية والعبودية.