الأيام المنذورة لأن كل يوم منذور في الشهرين مستحق للكفارة وهو غير نذره فلهذا لم ينعقد نذره بها كأيام رمضان، والأقوى ما قلناه من أن عليه قضاءه، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في مبسوطه في كتاب النذر جملته ما ذكرناه، والأقوى عندي أن يوم النذر لا يجوز صيامه عن الكفارة لا في الشهر الأول ولا في الشهر الثاني، فأما قوله رحمه الله: ولو صامها عن نذره بطل تتابعه وكان عليه الاستئناف ولم يمكنه الكفارة بالصيام أبدا، فتمسك غير واضح وأنا ألتزم أنه لا يصح له الكفارة بالصيام ويكون فرضه الإطعام لأنه غير قادر على الصيام، وأي مانع يمنع من الانتقال عن الصيام إلى الإطعام لأنه ليس في مقدوره الكفارة بالصيام، فليلحظ ذلك بعين الفكر والله الموفق للصواب.
إذا نذر صلاة قال قوم: أقل ما يلزمه ركعتان وقال بعضهم: أقل ذلك ركعة.
وهذا هو الذي يقوى في نفسي، لأنها أقل صلاة مرغبة فيها شرعية وهي الوتر بلا خلاف بيننا معشر أهل البيت ع، والخطاب إذا أطلق أجزء أقل ما يقع عليه الاسم، وقد بينا أن الركعة صلاة شرعية وأيضا فلا نص لأصحابنا في ذلك والأصل براءة الذمة فيما زاد على الركعة، وإذا كانت الركعة صلاة في الشريعة وعرفها حمل الإطلاق على أقل ما يقع الاسم الشرعي عليه، واختار شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه أحد قولي الشافعي وهو: أنه يلزمه صلاة ركعتين، واستدل بطريقة الاحتياط فحسب ولم يذكر إجماعا ولا أخبارا، وقد قلنا ما عندنا وليس هو لما استدل بطريقة الاحتياط بأولى ممن استدل بدليل أن الأصل براءة الذمة.
باب الكفارات:
الكفارات على ثلاثة أضرب: كفارة مرتبة من غير تخيير، ومخير فيها من غير ترتيب، وما فيها ترتيب وتخيير.
فالتي على الترتيب: كفارة الظهار بلا خلاف وكفارة قتل الخطأ أيضا بلا خلاف إلا من شاذ من أصحابنا، ومعنى الترتيب هو أنه لا ينتقل من الأصل الأول إلى الثاني إلا بعد فقدان الأول، ولا ينتقل من الثاني إلى الثالث إلا بعد عدم الثاني، ومعنى التخيير هو أنه له أن يفعل