قال قوم: التسري الوطء والتخدير أنزل أو لم ينزل لأن الجارية ضربان: سرية وخادمة، فإذا خدرها ووطأ فقد تسرى وترك الاستخدام. وقال قوم: التسري مجرد الوطء أنزل أو لم ينزل خدرها وحصنها أو لم يفعل ذلك، والأقوى عندي الأول. قال الجوهري في كتاب الصحاح:
كان الأخفش يقول: السرية مشتقة من السرور لأنه يسر بها يقال: تسرت جارية وتسررت كما قالوا: تظننت وتظنيت فعلى هذا من قال هو مشتق من التسرر يكون مصدره تسررت، ومنهم من قال من السر وهو الجماع، ومنهم من قال من السرى وهو الظهر.
إذا حلف: لا يأكل أدما، فأكل الخبز بالملح حنث بلا خلاف.
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه: إذا حلف: لا يتكلم، فقرأ القرآن لم يحنث، واحتج رحمه الله بأن قال: لا يطلق على من قرأ القرآن أنه يتكلم، وهذا غير واضح والذي يقتضيه أصل المذهب ولغة العرب أنه إذا قرأ القرآن فقد تكلم، وأن القرآن كلام بغير خلاف فعلى هذا التقرير يحنث، وإنما اختار شيخنا قول بعض المخالفين محتجا بأن القرآن إن كان كلاما خارج الصلاة كان كلاما داخل الصلاة فيؤدى إلى بطلانها، وهذا ليس بشئ لأنا نقول: إنه كلام خارج الصلاة وداخل الصلاة وليس كل كلام يقطع الصلاة لأن التكبير والتحميد والتسبيح كلام بلا خلاف وهو داخل الصلاة ولا يقطعها بالاتفاق.
باب النذور والعهود وأقسام ذلك وأحكامه:
النذر على ضربين: ضرب يجب الوفاء به وضرب لا يجب ذلك فيه.
فالذي يجب الوفاء به:
هو أن ينذر أنه متى فعل واجبا أو ندبا أو مباحا، أو متى لم يفعل واجبا أو ندبا أو مباحا، ولا يكون ترك المباح أعود عليه في دينه أو دنياه، ولا يكون النذر معصية ولا في معصية بل لا ينعقد النذر إلا في طاعة خالصة لله مماثلة لما يعبد الله به سبحانه في شريعتنا، فمتى علق بطاعة تخالف المشروع كان باطلا.