وأما الشافعي فيلزمه أن يقال له إنما يجوز أن يكون بعضه رقيقا وبعضه حرا إذا فقدت الحيلة في حريته إما بتضمين المعتق إن كان موسرا أو سعاية العبد إن كان المعتق معسرا لا سيما وأنتم كلكم تروون عن النبي ع أنه قال: من أعتق شقصا من مملوك فعليه خلاصه كله من ملكه فإن لم يكن له مال استسعى العبد غير مشقوق عليه.
وتروون أيضا عن النبي ص أنه قال: من أعتق شركا له في عبد فهو حر كله، فظاهر هذا الخبر يقتضي ما حكيناه عن أبي يوسف ومحمد وذلك باطل عندنا وعند الشافعي فثبت أنه عليه استحقاق التوصل إلى الحرية بكل سبب.
فإن استدل الشافعي بما يروى عن النبي ص من قوله: من أعتق شقصا له في عبده وكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل وأعطي شركاؤه حصتهم وأعتق عليه العبد وإلا فقد عتق عليه ما عتق ورق عليه مارق.
فالجواب: إن هذا خبر واحد وإن كنا لا نعرفه ولا ندري عدالة راوية وقد بينا في غير موضع أن أخبار الآحاد العدول لا تقبل في أحكام الشريعة وإنما يصلح أن يحتج بهذا الخبر الشافعي على أبي حنيفة لأنهما مشتركان في قبول أخبار الآحاد، وأبو حنيفة يجيب عن هذا الخبر بأن يقول: إن العبد رقيق إلى أن يؤدى بالسعاية ما عليه، كما أنه كذلك إلى أن يعتقه صاحبه وأما على ما نذهب إليه أن نتأول ذلك على من عجز عن السعاية من العبيد، فإنه يبقى بعضه رقيقا لا محالة، وهذا التأويل أولى من تأويل أبي حنيفة لأنه لو انطلق عليه إلى أن يبقى اسم الرق لجاز بيعه وهبته وعنده لا يجوز ذلك.
مسائل في التدبير مسألة:
ومما انفردت به الإمامية: إن التدبير لا يقع إلا مع قصد إليه واختيار له ولا يقع على غضب ولا إكراه ولا سكر ولا على جهة اليمين وتكون القربة إلى الله تعالى هي المقصودة به دون سائر الأغراض، وخالف باقي الفقهاء في هذه المسائل، والدلالة على صحة مذهبنا فيها كلها ما قدمنا في باب العتاق وشروطه، وأنه لا يقع على هذه الوجوه التي قلنا أنه لا يقع