فصل:
ومن حلف أن يؤدب غلامه بالضرب جاز له تركه ولا يلزمه الكفارة، قال الله تعالى:
وإن تعفوا أقرب للتقوى، على أنه يمكنه التورية، وإن كان حلف مثلا أن يضربه مائة على ما أمره الله تعالى " وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث " ومن حلف أن لا يكلم زيدا حينا وقع على ستة أشهر، والدليل عليه بعد إجماع الطائفة قوله تعالى: تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، روي عن ابن عباس أن المراد به ستة أشهر وهذا مروي عن أئمتنا ع.
وقيل: إن الاستدلال عليه من القرآن أن يقال: إن اسم " الحين " يقع في القرآن على أشياء مختلفة: يقع على الزمان كله في قوله سبحانه: فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، وإنما أراد زمان الصباح والمساء كله ومما يقع عليه أيضا اسم الحين من قوله تعالى: ومتعناهم إلى حين، فالمراد به وقت مبهم، وقال عبد الله بن عباس في قوله تعالى: تؤتي أكلها كل حين هو ستة أشهر، ومما يقع عليه أيضا اسم الحين أربعون سنة، قال الله تعالى: هل أتى على الانسان حين من الدهر، فذكر المفسرون أنه تعالى أراد أربعين سنة، ومع اشتراك اللفظ لا بد من دلالة في حمله على البعض، ولما روت الإمامية عن أئمتها ع ستة أشهر وأجمعوا عليه كان ذلك حجة في حمله على ما ذكرناه.
باب أقسام النذور والعهود وأحكامها:
قال الله تعالى: وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر، فالآية تدل على أن بالنذر يلزم الشئ كما يلزم بإلزام الله، لأنه قرنه بالإنفاق الذي أمر الله تعالى به فقال: أنفقوا من طيبات ما كسبتم، وقال الزجاج: يريد ما تصدقتم من قرض لأنه في ذكر الزكاة المفروضة، ألا ترى إلى قوله بعده: وما للظالمين من أنصار، قال ابن جرير: الظالم هنا من أنفق ماله رياءا وسمعة، وقيل المراد بالظالم هاهنا: من أنفق ماله لا كما أمر الله فوضع الصدقة في غير موضعها، لأن الظلم وضع الشئ في غير موضعه، والمعتدي في الصدقة كمانعها والوفاء بالنذر واجب إذا كان في طاعة الله.
والنذر عقد فعل شئ من البر على النفس بشرط كأن يقول: إن عافى الله مريضي