" باب أحكام الجنايات " " الواقعة من المكاتب بغيره أو من غيره به " إذا جنى المكاتب على غيره فلا يخلو الغير من أن يكون هو سيده أو غير سيده، فإن كان هو سيده فلا يخلو من أن يكون الجناية على طرفه أو على نفسه، فإن كانت على طرفه فخصمه في ذلك السيد، فإن كانت عمدا كان له أن يقتص وإن كانت خطأ كان له أخذ الدية.
فإن كانت على نفسه الوارث وإن كانت عمدا كان له المطالبة بالقصاص وإن كانت خطأ كان له الدية، وإن كانت عمدا واختار القصاص واقتص إما في الطرف أو النفس فقد استوفى حقه، وإن كانت خطأ أو عمدا فعفا عن القود منها وجب الأرش ويتعلق برقبته، وإذا تعلق الأرش برقبته فللمكاتب أن يفدي نفسه لأن ذلك يتعلق بمصلحته، وإذا أراد أن يفدي نفسه فداها بأقل الأمرين من الأرض أو القيمة.
فإن كان في يده مال كان له أن يدفع ذلك منه لأنه من مصلحته وله صرف المال الذي في يده فيما يتعلق بمصلحته، فإذا قبض السيد أو وليه منه أرش الجناية وبقي معه ما يؤديه من مال المكاتبة أداه في ذلك وعتق، وإن لم يبق معه شئ كان له أن يعجزه، فإن لم يكن معه مال فقد اجتمع عليه حقان مال الكتابة وأرش الجناية، فإن كان في يده ما يتم لهما دفعه وعتق، وإن لم يكن في يده ما يتم لهما كان للسيد تعجيزه، فإذا عجزه انفسخت الكتابة ورجع إلى مالكه وسقط الحقان معه لأنه لا يثبت للسيد على مملوكه مال.
وإذا كانت الجناية على غير سيده وكانت عمدا وجب القصاص، فإن عفا وجبت الدية فإن جنى خطأ وجب الأرش، فإن اختار القصاص كان له ذلك وإن عفا تعلق برقبته، والحكم في ذلك وفي جناياته خطأ واحد، وله أن يفدي نفسه من الجناية بأقل الأمرين على ما قدمناه بغير زيادة على ذلك، فإن لم يكن معه ما يدفعه إليه كان للمجني عليه أن يعجزه ويتبعه في الجناية لأنه قد تعلق برقبته حق وكان له بيع الرقبة في الجناية إلا أن يريد السيد أن يفديه ويقره على الكتابة فيكون له ذلك، فأما ما يفديه به فقد تقدم