وإن الشاعرين أطلقا اسم النذر مع عدم الشرط، فمن ركيك الاستدلال لأن جميلا ما حكى لفظ نذرهم وإنما خبر عن أعدائه بأنهم نذروا دمه فمن أين أن نذرهم الذي خبر عنه لم يكن مشروطا؟ وكذلك القول في بيت عنترة على أنه قوله إذا لقيتهما أو إذا لم ألقهما دمي على اختلاف الرواية هو الشرط، فكأنهم قالوا: إذا لقيناه قتلناه، فنذروا قتله، والشرط فيه اللقاء له.
مسائل الكفارات قد مضى في صدر هذا الكتاب الكلام في المسائل التي تنفرد بها الإمامية في كفارة واطئ امرأته في الحيض وفي باب الصوم أيضا في من تعمد أن يبقى جنبا من ليل شهر رمضان إلى نهاره، وفي نظائر هذه المسألة من باب الصوم فوجب فيها من الكفارة مالا يوجبه أكثر الفقهاء، وقد بيناها في باب مسائل الصوم وفي كفارة الجنايات في الحرم، ولا فائدة في إعادة ما مضى وإنما نذكر ما لم يتقدم ذكره.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن من وطأ أمته وهي حائض أن عليه أن يتصدق بثلاثة أمداد من طعام على ثلاثة مساكين، وخالف باقي الفقهاء في ذلك.
دليلنا بعد الاجماع المتردد أنا قد علمنا أن الصدقة بر وقربة وطاعة لله تعالى فهي داخلة تحت قوله تعالى افعلوا الخير، وأمره بالطاعة فيها لا يحصى من الكتاب وظاهر الأمر يقتضي الإيجاب في الشريعة فينبغي أن تكون هذه الصدقة واجبة بظاهر القرآن، وإنما يخرج بعض ما يتناوله هذه الظواهر عن الوجوب ويثبت له حكم الندب بدليل قاد إلى ذلك ولا دليل هاهنا يوجب العدول عن الظاهر.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن من نام عن صلاة العشاء الآخرة حتى يمضى النصف الأول من الليل وجب عليه أن يقضيها إذا استيقظ وأن يصبح صائما كفارة