وإذا أعتق مالك العبد عضوا من أعضائه لم يكن لذلك حكم ولم يقع به عتق، فإن أعتق بعضا منه مشاعا نصفه مثلا أو ثلثه أو ربعه أو ما زاد على ذلك أو نقص عتق الجميع، فإن كان العبد مشتركا فأعتق أحد الشركاء نصيبه لا للإضرار بالشركاء انعتق ملكه خاصة، إلا أنه إن كان موسرا انعتق الباقي وأجبر على قيمته لشريكه، وإن كان معسرا استسعى العبد في قيمة باقيه فإذا أداها عتق جميعه، فإن عجز عن ذلك فكه سلطان الاسلام من سهم الرقاب من الزكاة وإلا خدم مولاه بما فيه من العبودية.
والعتق في مرض الموت من أصل التركة سواء كان واجبا أو متبرعا به، على الصحيح من المذهب لأن بعض أصحابنا يجعله من الثلث وهو مذهب جميع من خالفنا وبعض أصحابنا وهم المحصلون يجعله من أصل المال لأنها عطية منجزة وللإنسان أن يتصرف في ماله جميعه في حال حياته وينفق في مرضه ما شاء من أمواله بغير خلاف.
فأما إن أوصى بعتق عبده أو عبيده بعد موته فإنه من الثلث لأن هذه عطية مؤخرة وهذه حقيقة الوصية، فإن أوصى بعتق عبده فإن كان قيمته وفق الثلث عتق جميعه ولا شئ له ولا عليه، وإن كان القيمة تنقص عن الثلث عتق أيضا ولا شئ له ولا عليه، وإن كانت القيمة تزيد على الثلث فالصحيح من أقوال أصحابنا أنه ينعتق منه بقدر الثلث ويستسعي فيما زاد على الثلث سواء كانت الزيادة ضعفي الثلث أو أقل أو أكثر وعلى كل حال.
وهو مذهب ابن بابويه في رسالته وشيخنا أبي جعفر في مبسوطه، وهو الذي يقتضيه أصول مذهبنا وقال بعض أصحابنا: إن كانت القيمة على الضعف من الثلث بطلت الوصية ولم ينفذ عتق شئ منه وقد أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته إيرادا لا اعتقادا لأنا قد بينا أنه رجع عن ذلك في مبسوطه.
فإن أوصى لعبده بثلث ما له، فإن كانت قيمته وفق الثلث عتق ولا شئ له ولا عليه، وإن كانت أقل من الثلث عتق وأعطي تمام الثلث، وإن كانت أكثر من الثلث عتق منه بمقدار الثلث واستسعى في الزيادة على الثلث، فإذا أداها عتق جميعه.