العتق وكذلك أجمعوا على أن قاتلها لا يجب عليه الدية وإنما يجب عليه قيمتها إذا كانت دون دية الحرة أو مثلها، وكذلك يجوز مكاتبتها وأن يأخذ سيدها ما كاتبها عليه عوضا عن رقبتها، وهذا كله يدل على بقاء الملك.
وحمل ذلك على الرهن وأن ملك الشئ المرهون هو باق للراهن وإن لم يجز بيعه فذلك قياس ونحن لا نقول به، على أنهم إذا سلموا بقاء الملك في أمهات الأولاد فبقاؤه يقتضي استمرار أحكامه، وإذا ادعوا فيه النقصان طولبوا بالدلالة ولم يجدوها، على أنا لو سلمنا نقصان الملك تبرعا لجاز أن نحمله على أنه لا يجوز بيعها مع ولدها، وهذا ضرب من النقصان، ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم، وقد علمنا أن للمولى أن يطأ أم ولده وإنما يطأها بملك اليمين لأنه لا عقد هاهنا، وإذا جاز أن يطأها بالملك جاز أن يبيعها بعد وفاة ولدها كما جاز ذلك في سائر جواريه.
باب الولاء:
قال الله تعالى: فإخوانكم في الدين ومواليكم، والمراد بمواليكم مماليككم الذين أنتم بهم أولى، وهذا المعنى فيهم على العموم فيكون الولاء للمعتق الذي أنعم عليه بأن أعتقه تبرعا لا في واجب كما قال تعالى في حق زيد.
ولهذا نقول: الولاء إنما يثبت في العتق الذي ليس بواجب بل يكون على سبيل التبرع، فأما إذا كان العتق في أمر واجب ككفارة ظهار أو كفارة قتل أو إفطار في شهر رمضان أو نذر أو يمين أو ما أشبه ذلك من جهات الواجب، فإن الولاء يرتفع منه والمعتق سائبة لا ولاء للمعتق عليه ولا يدخل تحت الآية، لأن العتق على سبيل التبرع هو الإنعام والإحسان عليه وإليه، وإلى ذلك أشار سبحانه بقوله: وأنعمت عليه، ولولا النصوص من أئمة الهدي ع في هذا المعنى لما كان لأحد أن يتكلم في مثله من القرآن.
وولاء المعتق في واجب لمن تضمن جريرته خاصة، وميراثه له إذا لم يكن له ذو رحم مسلم حر، سواء كان المتضمن لحدثه معتقه أو سوا، فقوله: والذين عقدت أيمانكم فأتوهم