بلا خلاف وكذلك أم الولد.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: قوله رحمه الله في المكاتب والمدبر صحيح واضح لا خلاف عندنا فيهما وأما أم الولد فلا ولاء عليها لأحد من جهة مولاها لما قدمناه من الأدلة وبيناه.
باب المكاتبة:
المكاتبة مشتقة من الكتب وهو الضم والجمع يقال: كتبت البغلة، إذا ضممت أحد شفريها بحلقة أو سير. ومنه قيل للجيش والناس المجتمعين كتيبة، فكذلك المكاتبة اشتقاقها من هذا لأنه ضم أجل إلى أجل وعقد المعاوضة على ذلك، فدليل جوازها قوله تعالى: والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا، فأمر بالكتابة.
فإذا ثبت ذلك فهي أن يشرط المالك على عبده أو أمته تأدية شئ معلوم يعتق بالخروج منه إليه وهي بيع العبد من نفسه، وصورتها أن يقول الانسان لعبده أو أمته: قد كاتبتك على أن تعطيني كذا وكذا دينارا أو درهما في نجوم معلومة على أنك إذا أديت ذلك فأنت حر، فيرضى العبد بذلك ويكاتبه عليه ويشهد بذلك على نفسه، فمتى أدى مال الكتابة في النجوم التي سماها صار حرا.
وهي على ضربين: مشروطة ومطلقة غير مشروطة، فإذا أدى المكاتب من غير شرط شيئا من مال الكتابة عتق منه بحسابه، والمشروط عبد ما بقي عليه درهم، ولا يجوز للإنسان وطء أمته المكاتبة سواء كانت الكتابة مطلقة أو مشروطة بلا خلاف، فإن وطئها وكانت مشروطا عليها لم يحد لأن هناك شبهة يسقط بها الحد، وإن كانت غير مشروطة عليها وقد أدت من مال الكتابة شيئا كان عليه الحد بمقدار ما تحرر منها إذا لم يشتبه الحكم عليه.
والكتابة المشروطة هو أن يقول للعبد في حال الكتابة: متى عجزت عن أداء ثمنك فأنت رد في الرق ولي جميع ما أخذت منك، فمتى عجز عن ذلك.