المقصد الثاني: في النذر: وفيه فصول:
الفصل الأول: الناذر والنذر:
أما الناذر فيشترط فيه: البلوغ والعقل والإسلام والاختيار والقصد، فلا ينعقد نذر الصبي وإن كان مميزا ولا المجنون والكافر لتعذر نية القربة في حقه، نعم يستحب له الوفاء لو أسلم، ولو نذر مكرها أو غير قاصد بسكر أو إغماء أو نوم أو غصب رافع للقصد أو غفلة لم يقع، ويشترط في نذر المرأة بالتطوعات إذن الزوج وفي نذر المملوك إذن المولى، فلو بادر لم ينعقد وإن تحرر لوقوعه فاسدا وإن أجاز المالك لزم، والأقرب عندي ما تقدم في اليمين، ويشترط أن يكون قادرا فلو نذر الصوم الشيخ العاجز عنه لم ينعقد. وأما صيغة النذر فإن يقول: إن عافاني الله - مثلا - فلله علي صدقة أو صوم أو غيرهما، وهو إما نذر لجاج أو غضب، أو نذر بر وطاعة.
فالأول أن يقصد منع نفسه عن فعل أو يوجب عليها فعلا، فالمنع: إن دخلت الدار فمالي صدقة، والإيجاب: إن لم أدخل فمالي صدقة.
والثاني إما أن يعلقه بجزاء إما شكر نعمة مثل: إن رزقني الله ولدا فمالي صدقة، أو دفع نقمة مثل: إن تخطأني المكروه فمالي صدقة، أو لا يعلقه مثل: مالي صدقة، ففي هذه الأقسام الأربعة إن قيد النذر بقوله لله انعقد وإلا فلا.
ويشترط في الصيغة نية القربة والنطق، فلو قصد منع نفسه بالنذر لا التقرب لم ينعقد ولو اعتقد النذر بالضمير لم ينعقد على رأي، بل لا بد من النطق وكون الشرط سائغا إن قصد الشكر والجزاء طاعة، وفي اللزوم التقييد بقوله: لله علي، فلو قال: علي كذا ولم يقل لله، استحب الوفاء به، ولا ينعقد بالطلاق ولا العتق ولا ينعقد نذر المعصية، ولا يجب به كفارة كمن نذر أن يذبح ولده أو غيره من المحرم ذبحه أو ينهب مالا معصوما، وأن يشرب خمرا أو يفعل محرما أو يترك واجبا، بل إنما ينعقد في طاعة إما واجب أو مندوب أو مباح يترجح فعله في الدين أو الدنيا أو