وقال شيخنا في مسائل خلافه: إذا حلف: لا يأكل لحما، فأكل قلبا لا يحنث والأولى أنه يحنث لأن اسم اللحم ينطلق عليه حقيقة، وقد بينا أن الأيمان يتعلق بمخارج الأسماء وحقائقها، وإنما بعض المخالفين قال هذا واستدل بأنه لا يباع مع اللحم، وهذا خروج منه عن الحقائق إلى المعاني والمقاييس فلا يعرج عليها ولا يلتفت إليها.
إذا حلف: لا يشم الورد، فشم دهنه لا يحنث وكذلك البنفسج لأن اليمين ما تعلقت إلا بشم الورد والبنفسج، فلا يتعدى إلى غيره ولا يرجع عن الحقائق إلى المجازات والمعاني والتخريجات.
إذا حلف ألا يأكل لحما فأكل لحم الغنم والصيود والطيور حنث بلا خلاف وإن أكل لحم السمك.
ذهب شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه إلى أنه يحنث واحتج بالآية وهو قوله تعالى: وهو الذي سخر لكم البحر لتأكلوا منه لحما طريا، وإذا كان اسم اللحم ينطلق عليه شرعا وجب أن يطلق الأيمان عليه إلا أنه رجع عن ذلك في مبسوطه وقال: لا يحنث بأكل لحم السمك، وهو قوي لعرف العادة، والأول أقوى للآية لأن عرف الشرع إذا طرأ على عرف العادة كان الحكم لعرف الشرع.
وقال شيخنا في مسائل خلافه: إذا حلف لا شربت من نهر لا شربت من دجلة، فمتى شرب من مائها سواء غرف بيده أو في كوز أو غيره أو كرع فيها كالبهيمة حنث، إلا أنه رجع عن ذلك في مبسوطه فقال: لا يحنث حتى يكرع فيها كالبهيمة لأنه إذا شرب غرفا بيده فما شرب منها وإنما شرب من يده، وهذا الذي يقوى في نفسي لأن الأصل براءة الذمة، والكلام في الحقائق دون المجاز وهذا هو الحقيقة وما عداه مجاز، ومعنى قوله: كرع، يقال كرع في الماء يكرع كروعا فهو كارع إذا تناوله بفيه من موضعه من غير أن يشرب بكفيه ولا بإناء، يقال: اكرع في هذا الإناء نفسا أو نفسين، أي اشرب بفيك. وفيه لغة أخرى كرع بكسر الراء يكرع كرعا.
وجملة الأمر وعقد الباب أن الحكم إذا علق باسم لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون باسم خاص أو عام. فإن كان خاصا نظرت، فإن كان حقيقة فيه لا مجاز له في غيره تعلق