بالحقيقة ولم يتعلق بغيرها، فإن قصد الغير ونواه وأراده كقوله: لا شربت لك ماء من عطش، هذا حقيقة غير مجاز في الشراب ومجاز في الطعام، وفي الناس من قال: هو حقيقة فيهما، والأول أوضح والثاني قوي لا للحقيقة بل لفحوى الخطاب.
فأما إذا علقه بالعموم حمل على العموم إلا أن يدخله التخصيص، ويكون ذلك بأحد ثلاثة أشياء: نية أو عرف قائم في الاسم أو عرف الشرع.
فالنية إذا علقها بعموم الأعيان كقوله: لا كلمت أحدا، تعلق بكل أحد فإن قال:
نويت إلا زيدا، كان على ما نوى وتعلقها بعموم الزمان مثل أن يحلف: لا كلمت زيدا أبدا، اقتضى أبد الدهر فإن قال: نويت شهرا أو نويت ما لم يدخل الدار، صح لأن دخول التخصيص في مثل هذا صحيح، وفي مثل هذا المعنى إذا علقها باسم خاص لشئ حقيقة فيه وقد استعمل في غيره مجازا كقوله: لا دخلت دار زيد، حقيقته ملك زيد ومجازه دار يسكنها زيد بأجرة، فإذا نوى المجاز قبل منه كما يعدل بالحقيقة إلى المجاز بدليل، فإذا ثبت أنها تخص بالنية نظرت، فإن كانت يمينا بالله قبلنا منه في الحكم وفيما بينه وبين الله لأنه أعرف بما نواه، وإن كانت بالعتق أو بالطلاق لم ينعقد عندنا أصلا وعندهم يقبل فيما بينه وبين الله دون الحكم لأنه يدعي خلاف الظاهر.
وأما التخصيص بالعرف القائم في الاسم كقوله: لا أكلت البيض، حقيقة هذا كل بيض سواء زايل بائضه وهو حي كالدجاج والنعام والإوز أو لا يزائل بائضه وهو حي كبيض السمك والجراد، إلا أنا نحمله على ما يزائل بائضه حيا بالعرف القائم في الاسم، ألا تراه إذا قال: أكلت البيض، لم يفهم منه بيض السمك والجراد. وكذلك إذا حلف:
لا أكلت الرؤوس، فهذا حقيقة في كل رأس ونحمله على رؤوس النعم بالعرف القائم في الاسم.
وقد قلنا ما عندنا في مثل ذلك وحققناه وحررناه، وإنما أوردنا ما أورده شيخنا في مبسوطه من كلام المخالفين وتخريجاتهم ألا ترى إلى قوله: فهذا حقيقة في كل رأس، فأين يعدل عن الحقيقة وهي الأصل؟ وإنما يعدل في بعض المواضع بدليل قاطع مثلا قال انسان لغلامه: اشتر لنا رؤوسا