وما روي: أن من نذر أن يطوف على أربع كان عليه أن يطوف طوافين طواف ليديه وطواف لرجليه، فهي من أخبار الآحاد الشواذ وقد قلنا ما عندنا في ذلك في كتاب الحج وأشبعنا القول فيه.
فعلى هذا التقرير والتحرير لا يصح أن ينذر الانسان أن يصلي خمس ركعات بتسليمة واحدة لأنه نذر مخالف للمشروع غير مماثل له.
ولا يصح النذر حتى يكون الناذر لافظا بقصده لله على نفسه بأن يقول ويتلفظ: على لله أو لله على، ويكون معتقدا له مختارا من غير إكراه ولا إجبار، ولا يصح أيضا إلا فيما يملكه الانسان، فإذا تقرر ذلك وتلفظ بما قدمناه فهذا الذي يسميه الفقهاء نذر التبرر والطاعة، وهو على ضربين: إما أن يعلقه بجزاء أو يطلق.
فإن علقه بجزاء، فالجزاء ضربان: إما ابتداء نعمة كقوله: إن رزقني الله ولدا فلله علي أن أتصدق بما لي، أو: إن ملكت مالا أو إن فتحت بلدا من بلاد أهل الحرب. وأما دفع نقمة مثل أن يقول: إن نجاني الله من هذا الحرب أوردني من هذا السفر أو أنجاني من البحر أو شفاني من هذا المرض، فإذا وجد شرط نذره لزمه الوفاء به بلا خلاف.
وأما المطلق بأن يقول: لله على أن أتصدق بمال أو أن أحج أو أصوم، ونحو هذا نذر طاعة ابتداء بغير جزاء، فعندنا أنه يلزمه وعند الأكثر، وذهب بعض المخالفين إلى أنه لا يتعلق به حكم، وتمسك بأن غلام ثعلب قال عن ثعلب: إن النذر عند العرب وعيد بشرط، وهو اختيار المرتضى رحمه الله، وما ذهبنا إليه هو الظاهر المعمول عليه عند أصحابنا وهو مذهب شيخنا أبي جعفر وغيره من مشيختنا رحمهم الله.
ومتى نذر الانسان أنه إن عوفي ولد له من مرضه وهو غائب عنه ثم سمع بصلاحه، فإن كان برؤه بعد النذر وجب عليه الوفاء به، وإن كان برؤه قبل النذر لم يجب عليه ذلك.
وقد روي: أنه متى نذر الانسان أنه لا يتزوج حتى يحج ثم تزوج قبل الحج وجب عليه الوفاء بالنذر سواء كانت حجته حجة الاسلام أو حجة التطوع لأنه عدل عن طاعة إلى مباح.