إذا حلف: لا لبست هذين الثوبين، أو لا أكلت هذين الرغيفين، فأكل أحدهما لم يحنث. إذا حلف: لا يأكل الرؤوس، فأكل رؤوس الغنم والإبل والبقر حنث، ولا يحنث بأكل رؤوس العصافير والطيور والحيتان والجراد.
وقال بعض الفقهاء: لا يحنث إلا بأكل رؤوس الغنم فحسب، وهو قوي لعرف العادة.
هذا إذا لم يكن له نية، فأما إذا كان له نية حنث وبر على نيته.
هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في مبسوطه، وهو فروع المخالفين وتخريجاتهم، والذي تقتضيه أصولنا أنه يحنث بأكل جميع الرؤوس لأن ذلك هو الحقيقة فلا يعدل عنها إلى المجاز، لأنا ننظر إلى مخرج اليمين، ويحنث صاحبها ويبر على مخرجها وحقائقها دون أسبابها ومعانيها ومجازاتها وفحوى خطابها، ولهذا إذا حلف انسان: لا يضرب عبده أو لا اشترى شيئا، فأمر بضربه أو شراء ذلك الشئ فإنه لا يحنث لأن الأيمان يتعلق بحقائق الأسماء والأفعال لا بمجازاتها ومعانيها. وكذلك إذا حلف انسان على انسان آخر وقد عدد أنعامه عليه فقال له في جواب ذلك: والله لا شربت لك ماء من عطش، فانتفع بغير الماء وأكل الخبز ولبس الثياب لا يحنث لأن يمينه تعلقت بشرب الماء حسب وهو الحقيقة وما عدا ذلك مجاز وفحوى خطاب، ولأن الأصل براءة الذمة من الواجبات والمندوبات إلا ما أوجبه دليل قاطع للأعذار فليلحظ ذلك ويتأمل حق التأمل.
إذا حلف: لا يأكل البيض، انطلق على كل بيض بزايل بائضه وهو بيض الدجاج والإوز والنعام والطيور ونحوها، فأما ما عدا ذلك مما لا يزائل بائضه حيا وهو بيض الحيتان والجراد فلا يحنث بأكله، لأن إطلاق الأيمان يتعلق بما يقصد ويفرد للأكل وحده دون بائضه.
هكذا ذكره شيخنا في مبسوطه والذي يقتضيه مذهبنا أنه يحنث بأكل جميع ما ينطلق عليه اسم البيض لأن اسم البيض يقع حقيقة على جميع ذلك والأيمان عندنا تتعلق بحقائق الأشياء ومخارج الأفعال والأسماء ولا يرجع إلى المعاني، فإنما هذا تخريجات المخالفين وقياساتهم فإذا كان اسم البيض ينطلق على بيض السمك حقيقة وجب أن يتعلق الأيمان ويطلق عليه وطريقة والاحتياط أيضا يقتضيه.