من رجل حنث لوجود الإيجاب قبل الموهوب له أو لم يقبل.
قال محمد بن إدريس رحمه الله مصنف هذا الكتاب: ما ذهب إليه رحمه الله مذهب أبي حنيفة وأبي العباس بن شريح، والذي تقتضيه أصول أصحابنا أنه لا يحنث إلا بوجود الإيجاب والقبول لأن الهبة عقد عندنا بلا خلاف والعقود لا تكون إلا بين اثنين وهو مثل البيع سواء، وقد فرق شيخنا بينهما بغير فرق وهو أنه قال: لا يقال باع بلفظ قوله: بعت حتى يحصل القبول، وكذلك نقول نحن في الهبة لأنها باقية على ملكه بلا خلاف، فإذا وجد القبول انتقلت من ملكه وكذلك البيع سواء فليلحظ ذلك، وقد رجع شيخنا في مبسوطه إلى ما اخترناه وحررناه.
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه: إذا حلف لا أكل شحما، فأكل شحم الظهر لم يحنث.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: الصحيح الذي يقتضيه أصول المذهب أنه يحنث لأن الشحم عبارة عن غير اللحم من أي موضع كان سواء كان شحم الألية أو الظهر أو البطن بغير خلاف بين أهل اللسان.
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه: إذا حلف لا يأكل رطبا فأكل المنصف وهو الذي نصفه رطب ونصفه بسر أو حلف: لا يأكل بسرا، فأكل المنصف حنث.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: والذي يقوى في نفسي أنه لا يحنث للعرف لأن الانسان إذا قال لغلامه: اشتر لنا رطبا، فاشترى له منصفا لم يمتثل أمره، وكذلك إن أمره أن يشتري له البسر فاشترى له المنصف لم يكن ممتثلا أمره، لأن عرف العادة الرطب هو الذي جميعه قد نضج وكذلك في البسر الذي جميعه لم ينضج منه شئ وهذا هو المتعارف.
إذا حلف: لا أستخدم فلانا، فخدمه فلان من قبل نفسه لا يحنث، لأن لفظ الاستفعال أن يطلب منه الخدمة هذا موضوعها في اللغة وإذا لم يطلب منه ذلك لم يكن مستخدما.
إذا حلف: لا يشم الورد، فشم دهنه لم يحنث. إذا حلف: لا أضرب فلانا، فعضه أو خنقه أو نتف شعره لم يحنث.
إذا حلف ألا يتسرى فالكلام في التسري ما هو؟