فليترك القبيح ولا شئ عليه.
ومن نذر شكرا لله تعالى أنه متى فعل قبيحا كان عليه كيت وكيت، ثم فعل القبيح لم يلزمه الوفاء بما نذر لأن هذا نذر في معصية، اللهم إلا أن يكون جعل ذلك على نفسه على سبيل الكفارة لما يرتكبه من القبيح، فيجب عليه حينئذ الوفاء به لأنه صار نذرا في واجب وهو ترك القبيح.
ومن نذر أنه متى فعل واجبا أو ندبا أو قدم من سفر أو ربح في تجارة أو برأ من مرض وما أشبه ذلك، شرب خمرا أو ارتكب فجورا أو قتل مؤمنا أو ترك فرضا، فعليه أن يترك الشر ويفعل الخير ولا كفارة عليه.
ومن عاهد الله أن يفعل واجبا أو ندبا وجب عليه الوفاء به فإن لم يفعل كان عليه الكفارة، وكذلك إن عاهد الله على أن يفعل مباحا لا يترجح فعله على تركه، فإن عاهد على أن لا يفعل قبيحا أو لا يترك واجبا أو ندبا ثم فعل القبيح أو ترك الواجب أو الندب، وجبت عليه الكفارة.
ومن عاهد الله أن يفعل فعلا كان الأولى أن لا يفعله في دينه أو دنياه أو لا يفعل فعلا الأولى أن يفعله، فليفعل ما الأولى به فعله وليترك ما الأولى به تركه، وليس عليه في ذلك كفارة.
وقد قدمنا أن النذر لا ينعقد إلا أن يتلفظ الناذر به، ويكون على صيغة مخصوصة، وتقارنه النية المتقرب بها إلى الله سبحانه، ويكون في فعل واجب أو ندب أو ترك قبيح أو مباح لا يترجح فعله على تركه دينا ودنيا، وسواء كان معلقا بشرط أو مطلقا عنه على الصحيح من أقوال أصحابنا وفتاويهم.
وقال شيخنا في نهايته: النذر هو أن يقول الانسان: إن كان كذا وكذا فلله علي كذا وكذا من صيام أو صدقة أو حج أو صلاة أو غير ذلك من أفعال البر، فمتى كان ما نذر وحصل وجب عليه الوفاء بما نذر فيه، فذكر رحمه الله النذر المشروط في هذا الكتاب - أعني كتاب النهاية - ولم يذكر المطلق من النذر، إلا أنه في مسائل خلافه يذهب إلى: أنه ينعقد سواء كان مشروطا أو