أهل العدل لبرئت الذمة منهم ولا فرق في ذلك بين أن يكون لمن أعانوه من أهل البغي فئة وبين أن لا يكون لهم ذلك وقتلوا مقبلين ومدبرين، فإن ادعوا الجهل بما جرى معهم وأنهم أكرهوا على ذلك وأظهروا التوبة مما فعلوا عفي عنهم ولم يقتل لهم أسير ولا يسبى لهم ذرية وإن كان ما ادعوه إنما هو على وجه المدافعة وعرف منهم خلافه لم يلتفت إلى قولهم في ذلك، ومن أصاب منهم دم انسان من أهل العدل أو ماله طولب بذلك ولا يجب على واحد من أهل العدل إذا أصاب شيئا من ذلك لأحد منهم.
وإذا كان رجل من أهل البغي قد استحق على رجل من أهل العدل قبل الفرقة حقا من قصاص أو أرش وطلب الحكم بينه وبينه من صاحب عسكر أهل العدل حكم بينهم في ذلك وأمضى ما يجب لكل واحد منهما على الآخر، فإن كان ما حكم به للباغي على العادل مالا ينبغي أن يحكم له ولا يسلم إليه بل يحبس عنده إلى أن يرجع إلى الحق لئلا ينفقه على حرب أهل العدل.
باب أقسام الغزاة:
الغزاة على ضربين: مطوعة وغير مطوعة. والمطوعة هم الذين يكونون مشغولين بمعاشهم لم ينشطوا للغزو فإذا غزوا وعادوا رجعوا إلى معاشهم، والذين هم غير مطوعة هم الذين يكونون قد راصدوا نفوسهم للجهاد ووقفوها عليه.
والقسم الأول إذا غنموا في دار الحرب شاركوا الغانمين وأسهم لهم، وأما القسم الثاني فيجوز أن يعطوا من الغنيمة ويجوز أن يعطوا من الصدقة من سهم ابن السبيل.
والأعراب ليس لهم من الغنيمة شئ، ويجوز للإمام أن يرضخ لهم ويعطيهم من الصدقة من سهم ابن السبيل لأن الاسم يتناولهم.
ومن يعطي من الغنيمة فلا يفضل أحد منهم في كل ذلك على أحد بل يسوى بينهم، ومن يعطي من سهم ابن السبيل يجوز للإمام تفضيل بعضهم في ذلك على بعض على قدر مؤونتهم وكفايتهم بحسب ما يراه.
ولا يجوز لأحد من الغزاة أن يغزو بغير أمر الإمام، فإن غزا بغير أمر الإمام كان مخطئا، فإن غنم كان جميع ما يغنمه للإمام دون كل أحد من الناس.