الحسن: إن شاء الإمام أن يستعبد الأسير من المشركين فله ذلك بالسنة، والذي رواه أصحابنا: أن الأسير إذا أخذ قبل انقضاء الحرب والقتال والحرب قائمة والقتال باق فالإمام مخير بين أن يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويتركهم حتى ينزفوا وليس له المن والفداء، وإن كان الأسير أخذ بعد وضع الحرب أوزارها وانقضاء الحرب والقتال كان مخيرا بين المن والمفاداة إما بالمال أو بالنفس وبين الاسترقاق وضرب الرقاب، فإن أسلموا في الحالين سقط جميع ذلك وصار حكمهم حكم المسلم لقوله تعالى:
فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم، ولقوله تعالى: فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين.
فصل:
وقوله تعالى: يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى، خاطب نبيه ع وأمره بأن يقول لمن حصل في يده من الأسارى، وسماه في يده لأنه بمنزلة ما قبض في يده بالاستيلاء عليه، ولذلك يقال للملك المتنازع فيه: لمن اليد؟
وقوله تعالى: إن يعلم الله في قلوبكم خيرا، أي إسلاما: يؤتكم خيرا مما أخذ منكم، من الفداء.
روي عن العباس أنه قال: كان معي عشرون أوقية فأخذت مني ثم أعطاني مكانها عشرين عبدا ووعدني المغفرة، قال: وفي نزلت وفي أصحابي هذه الآية.
" وإن يريدوا خيانتك " بنقض العهد " فقد خانوا الله من قبل " بأن خرجوا إلى بدر وقاتلوا المسلمين مع المشركين فأمكن الله منهم بأن غلبوا وأسروا، فإن خانوا ثانيا فسيمكن الله منهم مثل ذلك.
وأما قوله تعالى: ما كان لنبي أن يكون له أسرى، فالمعنى ما كان لنبي أن يحتبس كافرا للفداء والمن حتى يثخن في الأرض، والإثخان في الأرض تغليظ الحال بكثرة القتل. " تريدون عرض الدنيا " أي الفداء، وسمي متاع الدنيا عرضا لقلة لبثه. وهذه الآية نزلت في أسارى بدر قبل أن يكثر أهل الاسلام، فلما كثر المسلمون قال تعالى: