دعاهم الإمام إلى ذلك واستعان بهم معاونته ومساعدته والخروج معه إلى حربهم ولم يجز لأحد منهم التأخر عنه في ذلك.
ولا فرق في وجوب قتال الباغية بين أن تكون باغية على طائفة من المؤمنين وبين أن تكون بغت على الإمام إما في خلع طاعته أو منعه مما يجب له التصرف فيه من إقامة حد أو غيره أو ما جرى مجرى ذلك فإن في كل ذلك يجب قتال هذه الباغية، ولا يجوز لمن دعاه الإمام إلى ذلك واستعان به في حربهم التخلف عنه كما قدمناه.
ولا ينبغي أن يبدأوا بالحرب حتى يبدأوهم بها، ويجوز أن يدعوا قبل القتال إلى الحق وينذروا فإن لم يجيبوا قوتلوا، وإن كانوا عارفين بما يدعوهم الإمام إليه ولم يدخلوا فيه جاز قتالهم من غير دعاء ولا إنذار، ولا يجوز قتالهم إلا مع الإمام أو مع من ينصبه لذلك.
وإذا بلع بعض خلفاء الإمام على بعض المواضع اجتماع قوم على الخلاف والخروج على شق عصا المؤمنين لا يقاتلهم حتى يطلع الإمام على أحوالهم وينتظر أمره فيهم فمهما أمروا به انتهى إليه.
ويقاتل أهل البغي بكل ما يقاتل به المشركون، وإذا انهزم عسكرهم وكان لهم فئة يرجعون إليها جاز اتباع مدبرهم وأن يجهز على جريحهم وتغنم أموالهم التي في العسكر دون غيرها من أموالهم ولا تسبى ذراريهم، وإن لم يكن لهم فئة يرجعون إليها لم يتبع مدبرهم ولا يجهز على جريحهم فأما أموالهم فلا يغنم منها إلا ما حواه العسكر دون ما سواه مما لم يحوه ولا تسبى ذراريهم، وقد ذكرنا هذا التفصيل في باب من يجب جهاده عند قسمة أهل البغي.
وإذا أدرك المؤمن الباغي وظهر عليه وغشيه بسلاحه فسأل الأمان وأظهر التوبة والرجوع أو أقر بإمامة الإمام الحق أو أظهر ما يكون بإظهاره مفارقا لما هو عليه لم يجز للمؤمن الذي ظهر عليه طعنه ولا ضربه وإن كان جريحا لم يجهز عليه كما قدمناه.
وإذا عدل أهل البغي عند الظهور عليهم إلى رفع المصاحف والدعاء إلى حكم الله سبحانه وتعالى بعد أن كانوا دعوا إلى ذلك ولم يجيبوا إليه لم يلتفت إلى هذا الفعل منهم ولم ترفع الحرب عنهم إلا برجوعهم إلى الحق، وإذا أعانهم قوم من أهل الذمة على قتال