فروي: أن النبي ص لما بلغه خروج قريش لحماية العير شاور أصحابه، فقال قوم: خرجنا غير مستعدين للقتال، وقال المقداد: امض لما أمرك الله به فوالله لو دخلت بنا الجمر لاتبعناك، فجزاه خيرا وأعاد الاستشارة، فقالوا: امض يا رسول الله لما أردت، فسار ع ونشطه ذلك، ثم قال: سيروا على بركة الله وأبشروا فإن الله وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم، وروي: أن أحدا لم يشاهد الملائكة يوم بدر إلا رسول الله.
إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين، الداعي رسول الله، ولقلة عددهم استغاث بالله فأمدهم بألف من الملائكة مردفين مثلهم، ومعناه على هذا التأويل مع كل ملك ملك ردف له فقتلوا سبعين وأسروا سبعين.
فصل:
وأما قوله تعالى: وتلك الأيام نداولها بين الناس، أي نصرفها مرة لفرقة ومرة عليها ليمحص الله المؤمنين بذلك من الذنوب ويخلصهم به ويهلك الكافرين بالذنوب.
فإن قيل: لم جعل الله مداولة الأيام بين الناس وهلا كانت أبدا للأولياء؟
قلنا: ذلك تابع للمصلحة وما تقتضيه الحكمة أن يكونوا تارة في شدة وتارة في رخاء فيكون ذلك داعيا لهم إلى فعل الطاعة واحتقار الدنيا الفانية المنتقلة من قوم إلى قوم حتى يصير الغني فقيرا والفقير غنيا والنبيه خاملا والخامل نبيها، فتقل الرغبة حينئذ فيها ويقوى الحرص على غيرها مما نعيمه دائم.
والمراد بالأيام أوقات الظفر والغلبة.
" نداولها " أي نصرفها بين الناس نديل تارة لهؤلاء وتارة لهؤلاء، كقوله:
فيوما علينا ويوما لنا ويوما نساء ويوما نسر وفي أمثالهم: الحرب سجال.
وليعلم الله الذين آمنوا، فيه وجهان:
أحدهما: أن يكون المعلل محذوفا، معناه واستمر التائبون على الإيمان من الذين على