وإن كان شرط الأرض مختصا بمساحتها كان على كل جريب درهم فهو مضاف إلى جزية الرؤوس يلزم الذمي العاجز عن عمارتها أداؤه كجزية رأسه ويصنع بأرضه ما شاء.
فأما أرض الأنفال فقد تقدم تعيينها فهي للإمام ليس لأحد من الذرية ولا غيرهم فيها نصيب يصنع بها بما يشاء مدة حياته، فإذا مضى قام الإمام القائم بعده مقامه في الاستحقاق وهو بالخيار بين إمضاء ما قرره الماضي ونقضه، ولا يحل لأحد أن يتصرف في شئ من أرض الأنفال بغير إذن من يستحقها مع إمكانه، وإن تعذر الإيذان جاز التصرف فيها بشرط اخراج الخمس من جميع ما يخرجه يصنع فيه ما رسمناه سالفا فيما يختص الإمام من الحقوق الآن.
وأما أرض الكفار والمتأولين والمرتدين والبغاة المحاربين فحكمها حكم الأصل إن كان ملكا أو صلحا أو فتحا أو نفلا وحكم زرع هذه الأراضي حكمها، ولا يجوز لإمام ولا مأموم أن يحكم في شئ منها بغير ما قرره الشرع فإن فعل لم يمض وكان على المتمكن من الانكار إبطاله ورد الأرض والمسكن إلى حكم الأصل.
الفسق وأحكامه:
وأما الفسق: فمستحق بكل معصية ليست بكفر، وهو مقتض لفرضين: أحدهما يختص الماضي والثاني يختص المستقبل.
فالفرض الأول:
مختص بسلطان الاسلام أو من تصح نيابته عنه وهو على خمسة أضرب:
منها ما يوجب الحد وهو الزنى واللواط والسحق والجمع بين أهل الفجور له والقذف والسرق والفساد في الأرض وشرب الخمر والفقاع.
ومنها ما يوجب التعزير وهو إتيان البهائم والاستمناء والتعريض بالسب وموافقة ما ذكرناه من القبائح والإخلال ببعض الواجبات العقلية أو السمعية.
ومنها ما يوجب القصاص بالقتل والجراح وهو مختص بتعمد ما يوجبهما.
ومنها ما يوجب الدية وهو مختص بما يقع عن خطأ من قتل أو جراح.