الخامس: في المهادنة:
وهي المعاقدة على ترك الحرب مدة معينة، وهي جائزة إذا تضمنت مصلحة للمسلمين إما لقلتهم عن المقاومة أو لما يحصل به الاستظهار أو لرجاء الدخول في الاسلام مع التربص، ومتى ارتفع ذلك وكان في المسلمين قوة على الخصم لم يجز.
ويجوز الهدنة أربعة أشهر ولا يجوز أكثر من سنة على قول مشهور، وهل يجوز أكثر من أربعة أشهر؟ قيل: لا، لقوله تعالى: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وقيل: نعم، لقوله تعالى: وإن جنحوا للسلم فاجنح لها، والوجه مراعاة الأصلح. ولا تصح إلى مدة مجهولة ولا مطلقا إلا أن يشترط الإمام لنفسه الخيار في النقض متى شاء.
ولو وقعت الهدنة على ما لا يجوز فعله لم يجب الوفاء مثل التظاهر بالمناكير وإعادة من يهاجر من النساء، فلو هاجرت وتحقق إسلامها لم تعد لكن يعاد على زوجها ما سلم إليها من مهر خاصة إذا كان مباحا، ولو كان محرما لم يعد ولا قيمته.
تفريعان:
الأول: إذا قدمت مسلمة فارتدت لم ترد لأنها بحكم المسلمة.
الثاني: لو قدم زوجها وطالب المهر فماتت بعد المطالبة دفع إليه مهرها.
ولو ماتت قبل المطالبة لم يدفع إليه، وفيه تردد. ولو قدمت فطلقها بائنا لم يكن له المطالبة، ولو أسلم في العدة الرجعية كان أحق بها.
أما إعادة الرجال فمن أمن عليه الفتنة بكثرة العشيرة وما ماثل ذلك من أسباب القوة جاز إعادته وإلا منعوا منه، ولو شرط في الهدنة إعادة الرجال مطلقا قيل: يبطل الصلح، لأنه كما يتناول من يؤمن افتتانه يتناول من لا يؤمن. وكل من وجب رده لا يجب حمله وإنما يخلى بينه وبينهم، ولا يتولى الهدنة على العموم ولا لأهل البلد والصقع إلا الإمام أو من يقوم مقامه.