عقوبة على العدوان والظلم، وسمي جزاء الظالمين ظلما للمشاكلة، أي إن تعرضتم لهم بعد الانتهاء كنتم ظالمين فيسلط عليكم من يعدو عليكم، وقال في موضع آخر: إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف.
وشرائط الذمة خمسة: قبول الجزية وأن لا يتظاهروا بأكل لحم الخنزير وشرب الخمر والزنى ونكاح المحرمات. فإن خالفوا شيئا من ذلك خرجوا من الذمة، قال تعالى: وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر، أي فقاتلوهم، فوضع المظهر موضع المضمر إشعارا بأنهم إذا نكثوا فهم ذوو الرئاسة في الكفر، وفي الآية دلالة على أن الذمي إذا أظهر الطعن في الاسلام فإنه يجب قتله لأن عهده معقود على أن لا يطعن في الاسلام فإذا طعن فقد نكث عهده.
ومن وجبت عليه الجزية فأسلم قبل أن يعطيها سقطت عنه، قال تعالى: فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين.
فصل:
وقال تعالى: فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب، أي إذا لقيتم يا معاشر المؤمنين الذين جحدوا ربوبيته من أهل دار الحرب فاضربوهم على الأعناق " حتى إذا أثخنتموهم " وأثقلتموهم بالجراح وظفرتم بهم " فشدوا الوثاق " معناه أحكموا وثاقهم في الأسر، ثم قال: فأما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها، أي أثقالها، والتقدير إما تمنوا منا وإما أن تفدوا فداءا.
قال ابن جريح وقتادة: الآية منسوخة بقوله تعالى: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وقوله تعالى: فأما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم. وقال ابن عباس والضحاك: الفداء منسوخ. وقال ابن عمر وجماعة: ليست منسوخة، وكان الحسن يكره أن يفادي بالمال ويقول: يفادي الرجل بالرجل. وقيل: ليست منسوخة والإمام مخير بين الفداء والمن والقتل بدلالة الآيات.
وقوله تعالى: حتى تضع الحرب أوزارها، قال قتادة: حتى لا يكون شرك، وقال