ولا تطع الكافرين والمنافقين، وقيل: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، ناسخة للآية الأولى التي تضمنت النهي عن القتال عند المسجد الحرام حتى يبدأوا بالقتال لأنه أوجب قتالهم على كل حال حتى يدخلوا في الاسلام، " حيث ثقفتموهم " أي حيث وجدتموهم في حل أو حرم، وقوله تعالى: من حيث أخرجوكم، أي من مكة، وقد فعل رسول الله لمن لم يسلم منهم يوم الفتح.
فصل:
وقوله تعالى: يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه، كان بعث رسول الله ص عبد الله بن جحش على سرية في جمادى الآخرة قبل قتال بدر بشهرين ليترصد عيرا لقريش فيها عمرو بن عبد الله الحضرمي وثلاثة معه فقتلوه وأسروا اثنين واستاقوا العير وفيها من تجارة الطائف، كان ذلك أول يوم من رجب وهم يظنونه من جمادى الآخرة فقالت قريش: قد استحل محمد الشهر الحرام، وعظم ذلك على أصحاب السرية وقالوا: ما نبرح حتى تنزل توبتنا، وظن قوم منهم أنهم إن سلموا من الإثم فليس لهم أجر، فأنزل الله فيهم: إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم، وسبيل الله قتال العدو، ويقال: جاهدت العدو، إذا حملت نفسك على المشقة في قتاله.
وقال قتادة: القتال في الشهر الحرام وعند المسجد الحرام منسوخ بقوله تعالى:
وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، وقوله تعالى: فاقتلوا المشركين، وقال عطاء: هو باق على التحريم. وروى أصحابنا أنه باق على التحريم في من يرى لهذه الأشهر حرمة، وأما من لا يرى لها حرمة فإنه يجوز قتاله أي وقت كان، أما في الحرم فلا يبتدأ بقتال أحد من الكفار كائنا من كان. والمعنى يسألك الكفار أو المسلمون عن القتال في الشهر الحرام قل: قتال فيه إثم كبير، وما فعل قريش - من صدهم عن سبيل الله وعن المسجد الحرام وكفرهم بالله وإخراج أهل المسجد الحرام وهم رسول الله والمؤمنون - أكبر عند الله مما فعلته السرية من القتال في الشهر الحرام على سبيل الخطأ والبناء على الظن