فصل في الجهاد وأحكامه يجب جهاد كل من الكفار والمحاربين من الفساق - عقوبة على ما سلف كفره أو فسقه ومنعا له من الاستمرار على مثله بالقهر والاضطرار لكون ذلك مصلحة للمجاهد على جهة القربة إليه سبحانه والعبادة له - على كل رجل حر كامل العقل سليم من العمى والعرج والمرض مستطيع للحرب، بشرط وجود داع إليه يعلم أو يظن من حاله السير في الجهاد بحكم الله تعالى لكل من وصفناه من المحاربين، فإن كان ذو العذر غنيا فعليه معونة المجاهدين بماله في الخيل والسلاح والظهر والزاد وسد الثغر وإن كان الداعي إليه غير من ذكرناه وجب التخلف عنه مع الاختيار، فإن خيف جانبه جاز النفور معه لنصرة الدين دونه.
فإن خيف على بعض بلاد الاسلام من بعض الكفار أو المحاربين وجب على أهل كل أقليم قتال من يليهم ودفعه عن دار الإيمان، وعلى قطان البلاد النائية عن مجاورة دار الكفر أو الحرب النفور إلى أقرب ثغورهم بشرط الحاجة إلى نصرتهم حتى يحصل بكل ثغر من أنصار المسلمين من يقوم بجهاد العدو ودفعه عنه فيسقط فرض النفور عن من عداهم، وليقصد المجاهد والحال هذه نصرة الاسلام والدفع عن دار الإيمان دون معونة المتغلب على البلاد من الأمر.
وخالف الثاني الأول لأن الأول جهاد مبتدأ وقف فرض النصرة فيه على داعي الحق لوجوب معونته دون داعي الضلال لوجوب خذلانه، وحال الجهاد الثاني بخلاف