كتاب الجهاد وسيرة الإمام باب فرض الجهاد ومن يجب عليه وشرائط وجوبه وحكم الرباط:
الجهاد فريضة من فرائض الاسلام وركن من أركانه، وهو فرض على الكفاية، ومعنى ذلك: أنه إذا قام به من في قيامه كفاية وغناء عن الباقين ولا يؤدى إلى الإخلال بشئ من أمر الدين سقط عن الباقين، ومتى لم يقم به أحد لحق جميعهم الذم واستحقوا بأسرهم العقاب. ويسقط الجهاد عن النساء والصبيان والشيوخ الكبار والمجانين والمرضى ومن ليس به نهضة إلى القيام بشرطه.
ومن كان متمكنا من إقامة غيره مقامه في الدفاع عنه وهو غير متمكن من القيام به بنفسه وجب عليه إقامته وإزاحة علته في ما يحتاج إليه، ومن تمكن من القيام بنفسه فأقام غيره مقامه سقط فرضه إلا أن يلزمه الناظر في أمر المسلمين القيام بنفسه فحينئذ يجب عليه أن يتولى هو الجهاد ولا يكفيه إقامة غيره.
ومن وجب عليه الجهاد إنما يجب عليه عند شروط وهي: أن يكون الإمام العادل الذي لا يجوز لهم القتال إلا بأمره ولا يسوع لهم الجهاد من دونه ظاهرا أو يكون من نصبه الإمام للقيام بأمر المسلمين حاضرا ثم يدعوهم إلى الجهاد فيجب عليهم حينئذ القيام به، ومتى لم يكن الإمام ظاهرا ولا من نصبه الإمام حاضرا لم يجز مجاهدة العدو.
والجهاد مع أئمة الجور أو من غير إمام خطأ يستحق فاعله به الإثم، وإن أصاب لم يؤجر عليه وإن أصيب كان مأثوما اللهم إلا أن يدهم المسلمين أمر من قبل العدو يخاف منه على بيضة الاسلام ويخشى بواره أو يخاف على قوم منهم وجب حينئذ أيضا جهادهم