ويكره تبييت العدو ليلا وإنما يلاقون بالنهار، ويستحب ألا يؤخذ في القتال إلا بعد زوال الشمس فإن اقتضت المصلحة تقديمه قبل الزوال لم يكن به بأس، ولا يجوز التمثيل بالكفار ولا الغدر بهم ولا الغلول منهم، ولا ينبغي أن تقطع الأشجار المثمرة في أرض العدو والإضرار بهم إلا عند الحاجة إليها، ولا ينبغي تغريق المساكن والزروع إلا عند الحاجة الشديدة إلى ذلك، و ليس للأعراب من الغنيمة شئ وإن قاتلوا مع المهاجرين.
باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن له إقامة الحدود والقضاء ومن ليس له ذلك:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرضان من فرائض الاسلام وهما فرضان على الأعيان لا يسع أحدا تركهما والإخلال بهما.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجبان بالقلب واللسان واليد إذا تمكن المكلف من ذلك وعلم أنه لا يؤدى إلى ضرر عليه ولا على أحد من المؤمنين لا في الحال ولا في مستقبل الأوقات أو ظن ذلك، فإن علم الضرر في ذلك إما عليه أو على غيره إما في الحال أو في مستقبل الأوقات أو غلب على ظنه لم يجب عليه من هذه الأنواع إلا ما يأمن معه الضرر على كل حال.
والأمر بالمعروف يكون باليد واللسان، فأما باليد فهو أن يفعل المعروف ويجتنب المنكر على وجه يتأسى به الناس، وأما باللسان فهو أن يدعو الناس إلى المعروف ويعدهم على فعله المدح والثواب ويزجرهم ويحذرهم في الإخلال به من العقاب، فمتى لم يتمكن من هذين النوعين بأن يخاف ضررا عليه أو على غيره اقتصر على اعتقاد وجوب الأمر بالمعروف بالقلب وليس عليه أكثر من ذلك.
وقد يكون الأمر بالمعروف باليد بأن يحمل الناس على ذلك بالتأديب و الردع وقتل النفوس وضرب من الجراحات إلا أن هذا الضرب لا يجب فعله إلا بإذن سلطان الوقت المنصوب للرئاسة، فإن فقد الإذن من جهته اقتصر على الأنواع التي ذكرناها.