عن ترك الغزو الذي هو تقوية للعدو، وقيل: الباء مزيدة، والمعنى لا تقبضوا التهلكة أيديكم، أي لا تجعلوها آخذة بأيديكم.
باب حكم القتال في الشهر الحرام:
قال عز من قائل: والفتنة أشد من القتل، نزلت في سبب رجل من الصحابة قتل رجلا من الكفار في الشهر الحرام فعابوا المؤمنين بذلك، فبين الله أن الفتنة في الدين أعظم من قتل المشركين في الشهر الحرام وإن كان محظورا.
ثم قال: الشهر الحرام بالشهر الحرام، قال الحسن: إن مشركي العرب قالوا للنبي ص: أ نهيت عن قتالنا في الشهر الحرام؟ قال: نعم، فأراد المشركون أن يغتروه في الشهر الحرام فيقاتلوه فأنزل الله الآية. فلهذا لا بأس بقتال المشركين في أي وقت كان إلا الأشهر الحرم، فإن من يرى منهم لها حرمة لا يبتدئون فيها بالقتال فإن بدؤوهم بالقتال جاز حينئذ قتالهم، ويجوز قتال من لا يرى للأشهر الحرم حرمة على كل حال.
" والحرمات قصاص " أي إن استحلوا منكم في الشهر الحرام شيئا فاستحلوا منهم مثل ما استحلوا منكم. قال ابن عباس: كان أهل مكة اجتهدوا أن يفتنوا قوما من المؤمنين عن دينهم والأذى لهم وكانوا مستضعفين في أيديهم، فقال تعالى: ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين، أي ما لكم لا تسعون في خلاصهم.
ومعنى قوله: الشهر الحرام بالشهر الحرام، أي هتكة بهتكة، يعني كما هتكوا حرمته عليكم فأنتم تهتكون حرمته عليهم. " والحرمات قصاص " أي وكل حرمة يجري فيها القصاص، ثم أكد ذلك بقوله تعالى: " فمن اعتدى عليكم " أي فلا تعتدوا إلى ما لا يحل لكم، وإنما جمع الحرمات لأحد أمرين: أحدهما أن يريد حرمة الشهر وحرمة البلد وحرمة الإحرام، الثاني أن كل حرمة تستحل فلا يجوز إلا على وجه المجازاة.
وروي عن الأئمة ع: أن قوله: وقاتلوا في سبيل الله، ناسخ لقوله: كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة، وكذا قوله: واقتلوهم حيث ثقفتموهم، ناسخ لقوله تعالى: