أهل البغي إلا بأمر الإمام، ومن قاتلهم فلا ينصرف عنهم إلا بعد الظفر أو يفيئوا إلى الحق، ومن رجع عنهم من دون ذلك كان فارا من الزحف.
وأهل البغي على ضربين: ضرب منهم يقاتلون ولا تكون لهم فئة يرجعون إليه والضرب الآخر تكون لهم فئة يرجعون إليه. فإذا لم يكن لهم فئة يرجعون إليه فإنه لا يجاز على جريحهم ولا يتبع مدبرهم ولا تسبى ذراريهم ولا يقتل أسيرهم، ومتى كان لهم فئة يرجعون إليه جاز للإمام أن يجيز على جرحاهم وأن يتبع مدبرهم وأن يقتل أسيرهم، ولا يجوز سبي الذراري على حال، ويجوز للإمام أن يأخذ من أموالهم ما حوى العسكر ويقسم على المقاتلة حسب ما قدمناه، وليس له ما لم يحوه العسكر ولا له إليه سبيل على حال.
والمحارب هو كل من قصد إلى أخذ مال الانسان وأشهر السلاح في بر أو بحر أو سفر أو حضر فمتى كان شئ من ذلك جاز للإنسان دفعه عن نفسه وعن ماله، فإن أدى ذلك إلى قتل اللص لم يكن عليه شئ وإن أدى إلى قتله هو كان شهيدا وثوابه ثواب الشهداء.
باب من الزيادات في ذلك:
يجوز للإمام أن يذم لقوم من المشركين ويجوز له أن يصالحهم على ما يراه ولا يجوز لأحد أن يذم عليه إلا باذنه، وإذا كانوا جماعة من المسلمين في سرية فأذم واحد منهم لمشرك كانت ذمته ماضية على الكل ولم يجز لأحد منهم الخلاف عليهم وإن كان أدونهم في الشرف حرا كان أو عبدا، ومتى استذم قوم من المشركين إلى المسلمين فقال لهم المسلمون: لا نذمكم، فجاؤوا إليهم ظنا منهم أنهم أذموهم كانوا مأمونين ولم يكن عليهم سبيل. ومن أذم مشركا أو غير مشرك ثم أخفره ونقض ذمامه كان غادرا آثما.
ويكره أن يعرقب الانسان الدابة على جميع الأحوال فإن وقفت عليه في أرض العدو فليخلها ولا يعرقبها، وإذا اشتبه قتلى المشركين بقتلى المسلمين فليوار منهم من كان صغير الذكر، على ما روي في بعض الأخبار. ولا بأس أن يغزو الانسان عن غيره ويأخذ منه على ذلك الجعل.