قال الحسن: السائلون هم أهل الشرك على جهة العيب للمسلمين باستحلالهم القتال في الشهر الحرام، وهذا قول أكثر المفسرين. وقال البلخي: هم أهل الاسلام سألوا عن ذلك ليعلموا كيف الحكم فيه. و " الفتنة " الإخراج أو الشرك.
باب في الآيات التي تحض على القتال:
قال الله تعالى: ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون... الآية.
نزلت في أهل أحد لما أصاب المسلمين ما أصابهم ونام المسلمون وبهم الكلوم فنزل: إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله، لأن الله تعالى أمرهم على ما بهم من الجراح أن يتتبعوا المشركين، وأراد بذلك إرهاب المشركين، فخرج المسلمون إلى بعض الطريق وبلغ المشركين ذلك فأسرعوا حتى دخلوا مكة.
وقال سبحانه: ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله، وفي تناول هذا الوعيد لكل فار من الزحف خلاف، قال الحسن:
إنما كان ذلك يوم بدر خاصة. وقال ابن عباس: هو عام، وهو قول الباقر والصادق ع. أخبر أن من ولى دبره على غير وجه التحرف للقتال والتحيز إلى الفئة أنه رجع بسخطه تعالى، وتقديره إلا رجلا متحرفا يتحرف ليقاتل أو يكون منفردا فينحاز ليكون مع المقاتلة، ولا يجوز أن يفر واحد من واحد ولا من اثنين، فإن فر منهما كان مأثوما، ومن فر من أكثر من اثنين لم يكن عليه شئ.
وأما قوله تعالى: ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله، فإن الله لما قص في هذه السورة قصة الذين تأخروا عن النبي ع والخروج معه إلى تبوك ذكر عقيب ذلك أن ليس لهم أن يتأخروا عن رسول الله، وهذه فريضة ألزمهم الله إياها.
قال قتادة: حكم هذه الآية يختص بالنبي ع كان إذا غزا لم يكن لأحد أن يتأخر عنه فأما من بعده من الخلفاء فذلك جائز. وقال الأوزاعي وابن المبارك