بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الأعيان لا يسقط بقيام البعض عن الباقين.
و " الأمة " الجماعة، و " المعروف " به الفعل الحسن الذي له صفة زائدة على حسنه، وربما كان واجبا وربما كان ندبا، فإن كان واجبا فالأمر به واجب، وإن كان ندبا فالأمر به ندب. و " المنكر " هو القبيح، فالنهي كله واجب، والإنكار هو إظهار كراهة الشئ لما فيه من وجه القبح، ونقيضه الإقرار وهو إظهار تقبل الشئ من حيث هو صواب وحكمة وحسن.
ولا خلاف أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على ما ذكرناه، واختلف المتكلمون أيضا في وجوبهما فقيل: إنه من فروض الكفايات، وقال آخرون: هو من فروض الأعيان، وهو الصحيح، وقال بعض أصحابنا: إنهما ربما يجبان على التعيين وربما يجبان على الكفاية.
فصل:
ويدل على وجوبهما زائدا على ما ذكرناه قوله تعالى: الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، وذلك لأن ما رغب الله فيه فقد أراده، وكل ما أراده من العبد شرعا فهو واجب إلا أن يقوم دليل على أنه نفل ولأن الاحتياط يقتضي ذلك.
و " المعروف " الحق وسمي به لأنه يعرف صحته، وسمي " المنكر " منكرا لأنه لا يمكن معرفة صحته بل ينكر والناس اختلفوا في ذلك فقال قوم: إن طريق وجوب إنكار المنكر العقل لأنه كما يجب كراهته وجب المنع منه إذا لم يمكن قيام الدلالة على الكراهة وإلا كان تاركه بمنزلة الراضي به، وقال آخرون وهو الصحيح عندنا: إن طريق وجوبه السمع، وأجمعت الأمة على ذلك، ويكفي المكلف الدلالة على كراهته من جهة الخبر وما جرى مجراه.
فإن قيل: هل يجب في إنكار المنكر حمل السلاح؟
قلنا: نعم إذا احتيج إليه بحسب الإمكان لأنه تعالى قد أمر به، فإذا لم ينجع فيه