حسان وانتهك أصحابه حرمات المسلمين لقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينزع قرطها وخلخالها لا يمتنع منها ثم انصرفوا لم يكلم أحد منهم فوالله لو أن امرأ مسلما مات من هذا أسفا ما كان عندي ملوما بل كان عندي جديرا، يا عجبا عجبت لبث القلوب وتشعب الأحزاب من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم وفشلكم عن حقكم حتى صرتم غرضا تغزون ولا تغزون ويغار عليكم ولا تغيرون ويعصي الله وترضون، إذا قلت لكم: اغزوهم في الحر، قلتم: هذه أيام حارة القيظ أمهلنا حتى ينسلخ الحر، وإذا قلت لكم: اغزوهم في البرد، قلتم: هذه أيام صر وقر، وأنتم من الحر والبرد تفرون فأنتم والله من السيف أفر، يا أشباه الرجال ولا رجال، يا طغام الأحلام ويا عقول ربات الحجال، قد ملأتم قلبي غيظا بالعصيان والخذلان حتى قالت قريش: إن علي بن أبي طالب لرجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب، فمن أعلم بالحرب مني؟ لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين وها أنا قد عاقبت على الستين ولكن لا رأي لمن لا يطاع، أبدلني الله بكم من هو خير لي منكم وأبدلكم من هو شر لكم مني.
أصبحت والله لا أرجو نفعكم ولا أصدق قولكم وما سهم من كنتم من سهمه إلا سهم الأخيب، فقام إليه جندب بن عبد الله فقال: يا أمير المؤمنين ها أنا وأخي أقول كما قال موسى: رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي، فمرنا بأمرك والله لنضربن دونك وإن حال دون ما نريده جمر الغضا وشوك القتاد، فأثنى عليهما وقال: أين تبلغان رحمكما الله مما أريد؟
فقد دل ما أوردناه - من القرآن والخبر - على أن الله سبحانه فرض قتال أهل البغي وقد ذكرنا في باب من يجب جهاده من المراد بأهل البغي وقسمتهم، فإذا اقتتلت طائفتان بكلام أو ما يجري مجراه ولم يشهروا سلاحا أصلح بينهما بما يدعو إلى الألفة وما يعم النفع به، وإن بغت إحديهما على الأخرى وشهرت الظالمة السلاح على المظلومة وجب قتال الطائفة الباغية حتى تفئ إلى أمر الله سبحانه ووجب على المؤمنين إذا