وأما الكلام في الجهاد فهو فرض على الكفاية وشرائط وجوبه: الحرية والذكورة والبلوغ وكمال العقل والقدرة بالصحة والأوقات المانعة منه والاستطاعة له بالخلو من العجز عنه والتمكن منه وما لا يتم كونه جهادا إلا به من ظهر وآلة وكلفة ونفقة وغير ذلك مع أمر إمام الأصل به أو من نصبه وجرى مجراه أو ما حكمه حكم ذلك من حصول الخوف الطارئ على كلمة الاسلام والمفضي إلى احتياج الأنفس والأموال. فبتكاملها يجب وبارتفاعها أو الإخلال بشرط منها يسقط، فكل من أظهر الكفر أو خالف الاسلام من سائر فرق الكفار يجب مع تكامل ما ذكرناه من الشروط جهادهم، وكذا حكم من فرق عن طاعة الإمام العادل أو حاربه أو بغى عليه أو أشهر سلاحا في حضر أو سفر أو بر أو بحر أو تخطى إلى مال مسلم أو ذمي.
وينبغي قبل وقوع الابتداء به تقدم الإعذار والإنذار والتخويف والإرهاب والاجتهاد في الدعاء إلى اتباع الحق والدخول فيه والتحذير من الإصرار على مخالفته والخروج عنه والإمساك مع ذلك عن الحرب حتى يكون العدو وهو البادئ بها والمسارع إليها ليحق عليه بها الحجة ويستوجب خذلان الباغي، وأولى ما قصد إليها بعد الزوال وأداء الصلاتين وتقدم الاستخارة عند العزم عليها ويرغب في النصر إلى الله سبحانه ويعبئ أمرها الصفوف ويجعل كل قوم من المحاربين تحت راية أشجعهم وأقواهم مراسا وأبصرهم بها مع تمييزهم بشعار يتعارفون به، وتأكيد وصيتهم بتقوى الله وإخلاص