وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف، وإن أخاف السبيل فقط فإنما عليه النفي لا غير. هذا مذهبنا، وهو المروي عنهما ع، وهو قول ابن عباس وأبي مجلز وسعيد بن جبير والسدي وقتادة والربيع، وبه قال الجبائي والطبري، وقال الشافعي: إن أخذ المال جهرا كان للإمام صلبه حيا وإن لم يقتل.
وموضع " أن يقتلوا " رفع، وتقديره: إنما جزاؤهم القتل أو الصلب أو القطع.
ومعنى " إنما " ليس جزاؤهم إلا هذا. قال الزجاج: إذا قال: جزاؤك عندي كذا، جاز أن يكون معه غيره، فإذا قال: إنما جزاؤك كذا، كان معناه ما جزاؤك إلا كذا.
فصل:
واختلفوا في سبب نزول هذه الآية، فقال ابن عباس والضحاك: نزلت في قوم كان بينهم وبين النبي ص معاهدة فنقضوا العهد وأفسدوا في الأرض فخبر الله نبيه فيما ذكر في الآية، وقال الحسن وعكرمة: نزلت في أهل الشرك، وقال قتادة وأنس وابن جبير والسدي: أنها نزلت في العرنيين والعكليين حين ارتدوا وأفسدوا في الأرض فأخذهم النبي ع وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمل أعينهم، وفي بعض الأخبار: أنه أحرقهم بالنار.
ثم اختلفوا في نسخ هذا الحكم الذي فعله بالعرنيين، فقال البلخي وغيره: نسخ ذلك بنهيه عن المثلة، ومنهم من قال: حكمه ثابت في نظرائهم لم ينسخ، وقال آخرون: لم يسمل النبي ع أعينهم وإنما أراد أن يسمل فأنزل الله آية المحاربة، والذي نقوله: إن كان فيهم طائفة ينظرون لهم حتى يقتلوا قوما سملت أعين الرائية وأجرى على الباقين ما ذكرناه، وقال قوم: الإمام مخير فيهم، فمن قال بالأول ذهب إلى أن " أو " في الآية تقتضي التفصيل، ومن قال بالثاني ذهب إلى أنها للتخيير.
فصل:
ومعنى قوله: وأرجلهم من خلاف، معناه أن تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى