فإن قيل: لم يقال للحسن: المعروف، مع أن القبيح معروف أيضا أنه قبيح ولا يطلق عليه اسم المعروف؟
قلنا: لأن القبيح بمنزلة ما لا يعرف لخموله وسقوطه والحسن بمنزلة النبيه الذي يعرف بجلالته وعلو قدره ويعرف أيضا بالملابسة الظاهرة والمشاهدة، فأما القبح فلا يستحق هذه المنزلة.
وقال أهل التحقيق: نزلت هذه الآية في من هذه صفته من هذه الأمة، وهم من دل الدليل على عصمته لأن هذا الخطاب لا يجوز أن يكون المراد به جميع الأمة لأن أكثرها بخلاف هذه الصفة، بل منها من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف. وقد حث الله عليه بما حكى عن لقمان ووصيته " يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك ".
ويجوز أن يكون هذا عاما في كل ما يصيبه من المحن، وأن يكون خاصا بما يصيبه فيما أمر به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ممن يبعثه على الخير وينكر عليه الشر أن ذلك ما عزمه الله من الأمور، أي قطعه قطع إيجاب وإلزام، وهذا الضرر مثل سب عرض أو ضرب لا يؤدى إلى ضرر في النفس عظيم أو في ماله أو بغيره لأن كل ذلك مفسدة.
فصل:
وقوله تعالى: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله.
روي عن أمير المؤمنين ع: أن المراد بالآية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وعن أبي جعفر ع:
إنما نزلت في على ع. " يشري نفسه " يبيعها، أي يبذلها في الجهاد ويأمر وينهى حتى يقتل.
وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم، أي دعاكم إلى إحياء أمركم بجهاد عدوكم مع نصر الله إياكم " واعلموا أن الله (تعالى) يحول بين المرء وقلبه " بالموت أو بالجنون وبزوال العقل فلا يمكنه استدراك ما