كتاب الجهاد اعلم أن الجهاد والمجاهدة كلاهما استفراغ الوسع في مدافعة العدو، والشرع خصص لفظ الجهاد بالمقاتلة في سبيل الله لإعلاء كلمة الله وإعزاز الدين وإذلال المشركين، وبقي لفظة المجاهدة على عمومها.
باب فرض الجهاد ومن يجب عليه:
قال الله تعالى: كتب عليكم القتال وهو كره لكم، أي فرض عليكم قتال المشركين والمقاتلة مشقة لكم والقتال يشق عليكم، والألف واللام بدل من الإضافة، والكره والكره لغتان، وقيل: بالفتح المشقة وبالضم أن يتكلف الشئ فيفعله كارها، والآية تدل على وجوب الجهاد وفرضه، وبه قال أكثر المفسرين غير أنه فرض على الكفاية، وعن عطاء: أن ذلك كان على الصحابة، والصحيح الأول لحصول الاجماع عليه اليوم وقد انقرض خلاف عطاء.
ثم قال: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، فإن قيل: كيف كره المؤمنون الجهاد وهو طاعة الله؟ قيل عنه جوابان: أحدهما أنهم يكرهونه كراهية طباع، الثاني أنه كره لكم قبل أن يكتب عليكم. وعلى الوجه الأول تكون لفظة الكراهة مجازا، وعلى الثاني حقيقة.
ومما يدل على وجوب الجهاد أيضا قوله سبحانه: وجاهدوا في الله حق جهاده، عن ابن عباس: أي جاهدوا المشركين وجاهدوا أنفسكم. وهو على العموم والخطاب متوجه إلى جميع المؤمنين لقوله قبل هذه الآية: يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا