دينهم، فإن لم يكونوا من أهل الجزية فعل بهم من القتل وغيره ما قدمناه.
باب الأمان وأحكامه:
الأمان جائز في شريعة الاسلام لقوله سبحانه وتعالى لرسوله ص: وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله... الآية. ولأنه ص فعل ذلك عام الحديبية ولأنه ص أيضا أمضاه لأم هاني بنت أبي طالب في فتح مكة لما أجارت رجلا، فقال ع: أجرنا من أجرت وآمنا من آمنت.
فإن كان العاقد للأمان الإمام ع جاز أن يعقده لجميع المشركين في سائر الأماكن والأقاليم كلها لأن إليه النظر في جميع أمور الدنيا والدين ومصالح الاسلام والمسلمين كافة، وإن عقد واحد من خلفائه وولاته على صقع من الأصقاع أو إقليم من الأقاليم جاز له مع من يليه من المشركين ولا يتجاوز ذلك إلى غيره إلى ما يلي جهة لم يجعل إليه النظر فيها ولا تدبير مصالحها وسياستها.
فإن كان العاقد واحدا من المسلمين جاز له ذلك من الواحد والعشرة ولا يجوز فعله لذلك مع جميع أهل بلد أو صقع لأنه ليس له النظر في ذلك، فإذا كان ذلك جائزا للواحد من المسلمين لا يخلو من: أن يكون هذا الواحد كامل العقل أو غير كامل العقل، فإن كان كامل العقل لم يخل من: أن يكون رجلا أو امرأة، فإن كان رجلا لم يخل من: أن يكون حرا أو عبدا. فإن كان عبدا جاز له ذلك على خلاف فيه، وإن كان حرا جاز له ذلك بلا خلاف فيه، وإن كانت امرأة جاز لها ذلك لما ذكرناه من فعل " أم هاني "، وإن كان غير كامل العقل رجلا أو امرأة حرا كان أو عبدا فإن ذلك لا يجوز له لأنه غير مكلف.
والصبي إذا كان كبيرا ولم يبلغ الحلم فاغتر به بعض المشركين وآمنه هذا الصبي لم يصح أمانه ولا يجوز التعرض له بسوء حتى يرد إلى مأمنه، فإذا حصل إلى مأمنه أو في الموضع الذي يأمن فيه على نفسه بعد ذلك صار حربيا لأنه دخل علينا بشبهته فلا يجوز