مذهبه بطريق الحجاج وحل شبهه.
و " التي هي أحسن " قيل: الرفق والوقار والسكينة مع نصرة الحق بالحجة. و " الحكمة " المقالة الحسنة المحكمة الصحيحة التي تزيل الشبهة وتوضح الحق. و " الموعظة الحسنة " هي أن لا تخفى عليهم أنك تناصحهم بها وتقصد ما ينفعهم بها، أي ادعهم بالكتاب الذي هو حكمة وموعظة حسنة، وجادلهم بالطريقة التي فيها اللين والرفق من غير فظاظة ولا تعسف، والداعي هو الإمام أو من يأمره هو.
ولا ينصرف من قاتلهم بأمر الإمام إلا بعد الظفر أو يفيئوا إلى الحق، ومن رجع عنهم من دون ذلك كان فارا من الزحف، وقد أشار إلى هذا كله رسول الله ص بقوله: حربك يا علي حربي، وسلمك سلمي، أي حكم حربك حكم حربي.
باب حكم المحاربين والسيرة فيهم:
قال الله تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا.
فمعنى " يحاربون الله " يحاربون أولياء الله والمؤمنين لأنه لو كان المراد مقصورا على محاربة رسول الله ع لكان حكم الآية يسقط بوفاته، وأجمع المسلمون على أن هذا الحكم ثابت.
ومعنى " يسعون في الأرض فسادا " يسرعون في الفساد، وأصل السعي سرعة المشي.
والمحارب عندنا هو الذي يشهر السلاح ويخيف السبل سواء كان في المصر أو خارج المصر، فإن اللص المجاهر في المصر وغير المصر سواء، وبه قال الأوزاعي ومالك والليث بن سعيد وابن لهيعة والشافعي والطبري، وقال قوم: هو قاطع الطريق في غير المصر، ذهب إليه أبو حنيفة.
ومعنى " يحاربون الله " أي يحاربون أولياء الله ويحاربون رسوله لما ذكرنا " ويسعون في الأرض فسادا " هو ما قلناه من إشهار السيف وإخافة السبيل.
وجزاؤهم على قدر الاستحقاق، إن قتل قتل، وإن أخذ المال وقتل قتل وصلب،