إلا على ما قلناه من الدفاع عن النفس والإسلام لأن عندنا بغير خلاف أنه إذا نذر المرابطة في حال استتار الإمام وجب عليه الوفاء به غير أنه لا يجاهد العدو إلا على ما قلناه وقد قدمنا ذلك.
فإن كان في حال ظهور الإمام لزمه الوفاء به على كل حال، ومن لا يمكنه المرابطة بنفسه فرابط دابة أو أعان المرابطين بشئ من ماله كان فيه الثواب.
باب في ذكر أصناف الكفار ومن يجب قتاله منهم وكيفية القتال:
الكفار على ثلاثة أضرب: أهل كتاب وهم اليهود والنصارى فهؤلاء يجوز إقرارهم على دينهم ببذل الجزية ومن له شبهة كتاب فهم المجوس فحكمهم حكم أهل الكتاب يقرون أيضا على دينهم ببذل الجزية ومن لا كتاب له ولا شبهة كتاب وهم من عدا هؤلاء الثلاثة الأصناف من عباد الأصنام والأوثان والكواكب وغيرهم فلا يقرون على دينهم ببذل الجزية. ومتى امتنع أهل الكتاب ومن له شبهة كتاب من بذل الجزية كان حكمهم حكم غيرهم من الكفار في وجوب قتالهم وسبي ذراريهم ونسائهم وأخذ أموالهم ويكون فيئا.
وينبغي للإمام أن يبدأ بقتال من يليه من الكفار الأقرب فالأقرب، والأولى أن يشحن كل طرف من أطراف بلاد الاسلام بقوم يكونون أكفاء لمن يليهم من الكفار ويولي عليهم أميرا عاقلا دينا خيرا شجاعا يقدم في موضع الإقدام ويتأنى في موضع التأني.
ولا يجوز قتال أحد من الكفار إلا بعد دعائهم إلى الاسلام وإظهار الشهادتين والإقرار بالتوحيد والعدل والتزام جميع شرائع الاسلام، فمتى دعوا إلى ذلك ولم يجيبوا حل قتالهم ومتى لم يدعوا لم يجز قتالهم، والداعي ينبغي أن يكون الإمام أو من يأمره الإمام، ولا يجوز قتال النساء فإن قاتلن المسلمين وعاون أزواجهن ورجالهن أمسك عنهن فإن اضطر إلى قتلهن جاز حينئذ قتلهن ولم يكن به بأس.
وشرائط الذمة: الامتناع من مجاهرة المسلمين بأكل لحم الخنزير وشرب الخمور وأكل الربا ونكاح المحرمات في شريعة الاسلام وألا يأووا عينا على المسلمين ولا يعاونوا عليهم